تعاني إحدى أكبر مدن الجيل الرابع بمحافظة الجيزة – والتي تضم أكبر تجمعات الإسكان الاجتماعي والقومي – من أزمات متشابكة تضرب حياة السكان اليومية، في وقت يُفترض فيه أن تكون نموذجًا للتنمية في عصر الجمهورية الجديدة.
أولاً: التموين والمخابز… أزمة بلا مبرر
المدينة التي تضم عشرات الآلاف من الأسر لا يوجد بها مخابز كافية لتغطية احتياجات المواطنين. ورغم بناء مخابز جديدة، فإن بعضها حصل على تراخيص رسمية بينما تم تحويل أخرى بدون ترخيص إلى مولات وأسواق تجارية. الجهاز وافق على تشغيل المخابز المرخصة، لكنه أضاف عند المعاينة المخابز المخالفة إلى قائمة التشغيل، ما تسبب في تأخير توزيع الحصص الرسمية من الدقيق على المخابز السليمة وتعطيل تشغيلها.
ثانيًا: المواصلات… معاناة يومية بلا حلول
المواصلات في المدينة تُوصف بأنها الأسوأ في محافظة الجيزة. لا توجد خطوط اتوبيسات عامة – ولو حتى اتوبيس واحد لهيئة النقل العام – ولا مواقف منظمة، ما جعل السكان والطلاب يعانون يوميًا داخل المدينة وخارجها. هذه الصورة القاتمة تتناقض مع الشعارات المرفوعة عن تطوير الخدمات في الجمهورية الجديدة.
ثالثًا: التعليم… كثافة مرتفعة وخدمات غائبة
المدينة، برغم كونها من مدن الجيل الرابع، تواجه كثافة طلابية ضخمة تضطر المدارس للعمل بفترتين. ينقص التعليم كثير من الخدمات الأساسية، بينما يكتفي مجلس الأمناء بدور المتفرج دون تقديم أي حلول. الجهاز يسلم الأبنية التعليمية بالقطعة دون دراسة زيادة الكثافة السكانية الفعلية، ما فاقم الأزمة.
رابعًا: الصحة… وحدات مغلقة ومستشفى غائب
الوحدات الصحية في المدينة تم تأجيرها وطرحها للاستثمار، لكنها لم تبدأ العمل حتى الآن. الوحدات الحكومية القائمة تعاني نقصًا شديدًا في المستلزمات الطبية، وتعتمد بشكل شبه كامل على تبرعات الأهالي، وسط غياب واضح لدعم من مجلس الأمناء. ومع عدم وجود مستشفى حكومي يخدم هذا الكم من السكان، أصبحت الرعاية الصحية أزمة حقيقية تهدد حياة المواطنين.
خامسًا: مراكز الشباب… من خدمة المجتمع إلى استثمار
حتى مراكز الشباب – التي تمثل متنفسًا للشباب والأسر – جرى تحويلها إلى أنشطة استثمارية داخل مناطق الإسكان الاجتماعي والقومي، ما حرم السكان من خدمات رياضية وثقافية كان من المفترض أن تدعم المجتمع.
خاتمة:
المدينة تواجه مشكلات تموين، ومواصلات، وصحة، وتعليم، وشباب في آن واحد، وكلها قضايا تمس حياة المواطنين مباشرة. والسؤال الذي يفرض نفسه: من يتحمل المسؤولية؟ هل هو الجهاز التنفيذي، أم مجلس الأمناء الذي لم يقدم حلولًا واضحة؟ أم أن التنسيق بين الوزارات المختلفة غائب تمامًا؟
في ظل هذه الأزمات، ينتظر المواطنون تدخلًا حاسمًا يعيد الثقة في أن مدن الجيل الرابع ليست مجرد مبانٍ خرسانية، بل مجتمعات متكاملة قادرة على تلبية احتياجات سكانها.