في ظل التحديات الفكرية والاجتماعية التي تواجه المجتمع المصري، جاءت مبادرة “صحح مفاهيمك” التي أطلقها وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، لتشكل خطوة محورية نحو إعادة ترميم الوعي العام وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تسربت إلى العقل الجمعي عبر سنوات من الانفلات الثقافي والمعلوماتي.
المبادرة، التي أعلن تفاصيلها الدكتور الأزهري خلال مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، تهدف إلى تصحيح السلوكيات الخاطئة والمفاهيم المشوشة التي قد تُستغل من قبل أصحاب الفكر الهدام، وذلك من خلال خطاب ديني مستنير، مدعوم بالتنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة.
وزير الأوقاف أوضح أن العمل يجري بالتعاون مع عدد من الوزارات والجهات المعنية لرصد أبرز الظواهر والسلوكيات السلبية في المجتمع، والعمل على معالجتها في إطار تربوي وتوعوي مدروس. ولا تقتصر المبادرة على تصحيح المفاهيم الدينية فقط، بل تمتد إلى مجالات متعددة تتصل بسلوك الفرد في المجتمع، بهدف خلق مواطن واعٍ، قادر على التمييز بين الصحيح والمغلوط، وبين البناء والهدم.
إن ما يميز مبادرة “صحح مفاهيمك” أنها لا تعالج الخطاب الديني فقط، بل تنفتح على المجتمع بكل شرائحه، في المدارس والجامعات والمساجد ومراكز الشباب، لتشكل مشروعا وطنيا شاملاً في بناء وعي حقيقي. وهذا ما أكد عليه الدكتور الأزهري بقوله إن المبادرة تستهدف “بناء وعي مجتمعي راسخ يحصن المواطن من الفكر الهدام”، وهي عبارة تختصر الهدف الأسمى الذي تسعى المبادرة لتحقيقه.
المجتمع اليوم أحوج ما يكون إلى مثل هذه المبادرات التي تدعم قيم الانتماء، وتعزز مناعة العقول أمام تيارات التطرف واللاوعي، وتعيد الاعتبار للفكر الوسطي والرشيد. ولذلك، فإن مبادرة “صحح مفاهيمك” تستحق كل دعم ومساندة من مختلف المؤسسات الإعلامية والثقافية والتعليمية، باعتبارها رافعة حقيقية لتجديد الخطاب الديني وبناء مجتمع متماسك فكريا وأخلاقيا.
ويبقى التحدي الحقيقي في استدامة هذا الجهد واستمراره على الأرض، من خلال أدوات فعالة، ومحتوى مبسط، ورسائل تصل إلى الناس بلغتهم وواقعهم، حتى تتحول المبادرة من شعار إلى أثر ملموس في سلوك الأفراد، وفي خطابهم اليومي، وفي تعاملهم مع الآخر.
في النهاية، فإن “صحح مفاهيمك” ليست مجرد مبادرة وزارية، بل دعوة وطنية مفتوحة لكل مواطن أن يراجع، يتأمل، ويعيد ترتيب أفكاره ومفاهيمه، في ضوء العقل، والمنطق، وروح العصر.