قال الهندس إيهاب محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب “الجيل الديمقراطي” بمحافظة الإسكندرية، إنه في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية وتتقاطع فيه الأزمات، تبرز الحرب المحتدمة بين إسرائيل وإيران كواحدة من أخطر الصراعات التي تُهدد ليس فقط أمن الشرق الأوسط، بل البنية الاقتصادية العالمية بأكملها، ووسط هذا المشهد المضطرب فأن هذه الحرب رغم خطورتها إلا أنها تُمثل فرصة ذهبية لمصر كي تُعيد تموضعها الاقتصادي إقليميًا ودوليًا وتستفيد من التحولات الجارية في موازين القوى وسلاسل التوريد.
وأضاف “محمود”، في بيان، أن الصراع المُباشر بين تل أبيب وطهران بدأ يُلقي بظلاله الثقيلة على أسواق الطاقة والنقد العالمي، خصوصًا مع تصاعد التهديدات حول مضيق هرمز، المنفذ الحيوي الذي تمر عبره أكثر من 20% من صادرات النفط العالمية؛ وأي خلل في هذا المعبر الاستراتيجي كفيل بإرباك أسعار النفط ورفع تكاليف النقل والإنتاج عالميًا، موضحًا أن الأثر لا يقتصر على النفط وحده؛ بل يمتد إلى مؤشرات البورصات العالمية وأسواق الصرف والذهب؛ إذ يسود التوتر ويهرب المستثرون من الأسواق النامية نحو الملاذات الآمنة؛ مما يُشكل تحديات حادة على الاقتصادات الناشئة.
وأوضح رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب “الجيل الديمقراطي” بالإسكندرية، أن الاقتصاد المصري بحكم موقعه الجغرافي ودوره الحيوي في التجارة الدولية لا يُمكن أن يكون بمنأى عن هذه التداعيات، فالتوترات في البحر الأحمر وتراجع حركة السفن بسبب التهديدات الأمنية أضعف من الإيرادات المتوقعة لقناة السويس، التي تُمثل أحد أبرز مصادر الدخل القومي لمصر، منوهًا بأن مصر بقيادتها
السياسية الرشيدة، وخاصة الرئيس السيسي قادرة على تجاوز هذه التحديات، بل واستثمارها في خلق واقع اقتصادي جديد أكثر تنوعًا ومرونة.
وقدم 5 ركائز رئيسية يُمكن لمصر من خلالها تحويل أزمة الحرب إلى فرصة استراتيجية للنمو والاستثمار، أولها مصر كبديل آمن للاستثمار، موضحًا أن الاضطرابات الأمنية في إسرائيل ومنطقة الخليج دفعت العديد من المستثمرين للبحث عن وجهات مستقرة، ومصر باستقرارها السياسي ومتانة مؤسساتها تُمثل البديل الأمثل، وهنا يجب تقديم حزم حوافز استثنائية لجذب الاستثمارات لا سيما في التكنولوجيا والطاقة والصناعات الثقيلة، فضلًا عن تفعيل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مشددًا على أن مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يجب أن يأخذ أولوية وطنية من حيث تسريع إجراءات التراخيص، وتوفير البنية التحتية
لجذب المستثمرين الصناعيين واللوجستيين الباحثين عن بدائل لموانئ الخليج، علاوة على الاستثمار في الطاقة المتجددة، حيث أنه في ظل تقلبات سوق النفط تصبح الطاقة النظيفة هي كلمة السر، موضحًا أن مشروعات مصر في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وعلى رأسها بنبان وخليج السويس توفر قاعدة انطلاق نحو شراكات دولية ومكانة رائدة فى تصدير الكهرباء الخضراء لأوروبا وأفريقيا، إضافة إلى تعزيز التصنيع المحلي، حيث أن ارتفاع أسعار المواد الخام والنقل يفرض علينا تحديًا وفرصة في آن واحد أن نُنتج محليًا ما كنا نستورده، ويوصي بضرورة الاستثمار في الصناعات الغذائية والدوائية والكيماوية، بما يُحقق ألأمن الصناعي، ويُقلص العجز التجاري، ويوفر فرص عمل، وآخرها التحرك نحو الأسواق الإفريقية، حيث يُشير إلى أن إفريقيا بما تملكه من موارد طبيعية وأسواق
استهلاكية ضخمة تُمثل أملًا تجاريًا واعدًا لمصر، ويحث على تفعيل الاتفاقيات التجارية مع دول القارة، وفتح ممرات لوجستية جديدة، وتكثيف المعارض والبعثات التجارية المصرية.
وتابع: “لسنا متفرجين على خريطة الأحداث؛ بل علينا أن نرسم خريطتنا الخاصة، فكل أزمة هي اختبار، ومصر تملك أدوات النجاح من الموقع الاستراتيجى إلى الإرادة السياسية، ومن الموارد الطبيعية إلى العنصر البشري القادر، مؤكدًا أن الأزمة الحالية تُمثل لحظة تاريخية لمصر كي تُعيد صياغة دورها في الإقليم
وتصبح مركزًا للتصنيع والطاقة والتجارة إذا أحسنا قراءة المتغيرات وتحركنا بسرعة وجرأة، منوهًا بأن الحرب بين إسرائيل وإيران قد تُعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي، وعلينا أن نختار هل نكون على الهامش أم في القلب؛ وأنا واثق أننا بقيادة الرئيس السيسي وشعب مصر العظيم قادرون على تحويل التحدي إلى انطلاقة جديدة نحو مستقبل اقتصادي أكثر أمنًا وازدهازًا.