أعادت تصريحات نُسبت للممثل الأمريكي جورج كلوني حول الدور الذي لعبته زوجته، المحامية البريطانية من أصل لبناني أمل علم الدين، في تقديم دعم قانوني لجماعة الإخوان خلال فترة صياغة دستور 2012، فتح ملف بالغ الحساسية يتعلق بحجم الخيانة التنظيمية و التواصل الأجنبي المشبوه الذي مارسته جماعة الإخوان الإرهابية أثناء وجودها في السلطة. وتأتي هذه التصريحات بمثابة دليل إدانة جديد يكشف طبيعة التحالفات الخفية التي اعتمدتها الجماعة آنذاك لفرض أجنداتها داخل مؤسسات الدولة.
فوفق ما تم تداوله، تحدث كلوني عن مشاركة زوجته في دعم الإخوان قانونيًا خلال واحدة من أخطر اللحظات في تاريخ مصر السياسي، وهي لحظة كتابة دستور البلاد. ورغم ما أثارته هذه التصريحات من جدل واسع، إلا أن أهم ما تحمله هو الإشارة الواضحة إلى اختراق أجنبي مباشر في عملية يفترض أن تكون وطنية خالصة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول حجم التدخلات الأجنبية التي سمحت بها الجماعة في تلك الفترة.
ويكتسب هذا النقاش أهمية مضاعفة، لأن دستور 2012 لم يكن وثيقة عادية؛ بل كان محددًا رئيسيًا لشكل الدولة وطبيعة مؤسساتها وقواعد الحكم. لكن السماح بتدخل طرف أجنبي — حتى على مستوى الاستشارة — يعكس حقيقة أن الجماعة لم تكن تضع المصلحة الوطنية في مقدمة أولوياتها، بل سعت إلى تثبيت نفسها في الحكم عبر فتح الباب لقوى خارجية للتأثير في بنية الدولة المصرية.
وتتوافق هذه المعطيات مع ما ظهر خلال السنوات التي تلت سقوط حكم الإخوان، حيث تكشفت عدة وقائع تؤكد وجود شبكة علاقات ممتدة بين التنظيم الدولي للجماعة وعدد من الأطراف الأجنبية، سواء من خلال التعاون السياسي أو القانوني أو عبر لقاءات سرية جرت في دول شرق أوسطية وأوروبية. وكانت غاية تلك التحركات رسم سياسات تتماشى مع مصالح تلك القوى، وليس مع مصالح الشعب المصري.
كما كشفت مصادر مختلفة على مدار الأعوام الماضية أن بعض قيادات الإخوان الهاربة بالخارج كانت تتردد على دول محددة للقاء عناصر دولية لوضع خطوط عامة لما اعتبروه «استراتيجية التنظيم في المنطقة»، وهو ما يؤكد أن الجماعة لم تكن تتحرك وفق مشروع وطني، بل ضمن مشروع عابر للحدود يضع التنظيم الدولي فوق الدولة المصرية.
وتضيف تصريحات كلوني بعدًا جديدًا لهذه الحقائق، لأنها تأتي من شخصية غير محسوبة على أي طرف سياسي، ما يجعلها اعترافًا غير مباشر بدور أطراف أجنبية في مرحلة مفصلية من تاريخ مصر. كما تُظهر طبيعة العلاقة التي سعت الجماعة لترسيخها مع مؤسسات ومحامين وشخصيات لها ارتباطات بمصالح دول كبرى، بهدف الحصول على غطاء قانوني وإعلامي يدعم مشروعها.
وتبرز هذه الوقائع حجم الخيانة الوطنية التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية بحق الدولة والمجتمع، إذ لم تتردد في بيع القرار الوطني وفتح الأبواب أمام قوى خارجية للتأثير في شؤون البلاد. فبين ما حدث في صياغة الدستور وبين تحركات قيادات التنظيم في الخارج، تظهر صورة كاملة لجماعة لم تكن تنتمي إلى الوطن بقدر ما كانت تنتمي لتنظيم عابر للحدود يسعى لفرض نفوذه بأي وسيلة.
إن ما تكشف من معلومات خلال الفترة الماضية — وعلى رأسها التصريحات الأخيرة — يوضح أن مصر كانت أمام محاولة خطيرة لإعادة تشكيل الدولة من خلال علاقات خارجية مشبوهة، وأن ما حدث يمثل واحدة من أبرز صور العبث بمستقبل البلاد قبل أن يستعيد الشعب المصري زمام المبادرة في 30 يونيو.


