تواصل أسعار العقارات في مصر تسجيل مستويات قياسية، مع زيادات طفيفة في بعض المناطق، على الرغم من تحسن سعر صرف الجنيه، انخفاض أسعار الفائدة، وتراجع تكاليف مواد البناء. هذا الوضع يثير تساؤلات حول الأسباب التي تدفع المطورين العقاريين إلى التمسك بأسعار مرتفعة.
أسباب ارتفاع الأسعار:
تكاليف إضافية وراء الأسعار المرتفعة
أوضح طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أن ارتفاع الأسعار يعود إلى التكاليف الشاملة التي تشمل ليس فقط مواد البناء، بل أيضًا الأعباء التمويلية والرسوم الحكومية. وأشار إلى أن المطورين يفضلون تقديم تسهيلات سداد طويلة الأجل تصل إلى 14 عامًا بدلاً من خفض الأسعار مباشرة، حيث يتم بيع معظم الوحدات بنظام “البيع على الخريطة” بدفعة أولية تتراوح بين 3% و10%، مع تسليم الوحدة خلال 5 سنوات.
توازن السوق والرسوم الحكومية
أكد شكري أن الحفاظ على الأسعار الحالية ضروري لضمان “توازن السوق”، حمايةً للمشترين السابقين الذين اقتنوا وحداتهم بأسعار أعلى، مع جذب مستثمرين جدد يسعون لحفظ قيمة مدخراتهم. وأضاف أن الرسوم الحكومية، التي تصل إلى حوالي 3270 رسمًا، إلى جانب ارتفاع أسعار الأراضي، تجعل خفض الأسعار أمرًا صعبًا حتى مع تراجع تكاليف مواد البناء.
انخفاض مواد البناء دون تأثير
رغم انخفاض أسعار مواد البناء، مثل الحديد بنسبة 33.3% ليصل إلى 40 ألف جنيه للطن، والأسمنت بنسبة 20% ليبلغ 4 آلاف جنيه للطن في النصف الثاني من 2025، إلا أن هذا الانخفاض لم ينعكس على أسعار الوحدات العقارية. يرجع ذلك إلى أن التكاليف الأخرى، مثل الأراضي والتمويل، تشكل النسبة الأكبر من السعر النهائي.
عوامل إضافية تدعم الارتفاع
تكلفة الأراضي والتمويل
أشار فتح الله فوزي، رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، إلى أن تكلفة الأرض تمثل حوالي 50% من إجمالي تكلفة المشروع العقاري، بينما تستحوذ الفوائد البنكية على 50% أخرى، و10% للتسويق، مع تخصيص النسبة المتبقية للضرائب والمصاريف الإدارية. وأكد هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بشركة “الأهلي فاروس”، أن مساهمة الأرض في التكلفة ارتفعت إلى 60% مقارنة بـ30% سابقًا.
آجال السداد الطويلة
وفقًا لنجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة “أورا للتطوير العقاري”، فإن الشركات العقارية تتحمل دور البنوك من خلال تقديم خطط سداد طويلة الأجل، حيث تشكل الفوائد المحتسبة على العملاء حوالي 70% من السعر، بينما تمثل تكلفة البناء 30% فقط. وأضاف أن ربحية الشركات قد لا تتجاوز 1-2% في بعض الحالات، بل إن بعضها يتكبد خسائر.
الإقبال المتزايد والمستثمرون الأجانب
حذر محمود جاد، الرئيس المشارك بقطاع البحوث في شركة “العربي الأفريقي الدولي”، من أن الإقبال القوي على العقارات قد يؤدي إلى زيادات إضافية في الأسعار، خاصة مع اعتماد المطورين على تصميمات معمارية متقدمة وخامات عالية الجودة. كما أن الاهتمام المتزايد من المستثمرين الأجانب، خاصة من الدول العربية، يعزز الطلب على العقارات كملاذ استثماري آمن، مما يدفع الأسعار للارتفاع.
توقعات المستقبل
مع استمرار تطوير المشروعات الكبرى في مصر، مثل العاصمة الإدارية الجديدة والساحل الشمالي، يتوقع الخبراء أن تظل أسعار العقارات مرتفعة، مدفوعة بالطلب المحلي والأجنبي. ومع ذلك، قد يؤدي استقرار الاقتصاد وانخفاض التضخم إلى تحسين طفيف في الأسعار على المدى الطويل، شريطة تقليل الأعباء التمويلية والرسوم الحكومية.