مع اقتراب إعلان نتيجة الثانوية العامة، تتجدد كل عام ظاهرة الكيانات التعليمية الوهمية التي تستغل حالة التوتر والقلق التي يعيشها الطلاب وأولياء أمورهم، لتبدأ حملات ترويجها على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المجهولة، مدعية تقديم شهادات علمية ودورات تدريبية تؤهل الملتحقين بها للعمل داخل مصر وخارجها، بل وتمنحهم فرصًا في كبرى الشركات المحلية والدولية.
شهادات مزيفة ومستقبل مهدور
لكن في الواقع، تفتقر هذه الكيانات إلى أي سند قانوني أو اعتراف رسمي، مما يجعل الطلاب الذين ينخدعون بها ضحايا للنصب، يفقدون أموالهم ويعرضون مستقبلهم للخطر.
الداخلية تتصدى بحزم
وفي مواجهة هذه الظاهرة، شنت وزارة الداخلية حملات مكثفة لضبط تلك الكيانات الوهمية، في إطار جهودها المستمرة لمكافحة جرائم الاحتيال وانتحال الصفة والتعدي على حقوق الملكية الفكرية.
وقد أسفرت إحدى هذه الحملات عن ضبط سيدة تدير كيانًا تعليميًا غير مرخص في نطاق قسم شرطة مدينة نصر أول بالقاهرة، بعد أن أوهمت الطلاب بقدرتها على منحهم شهادات تؤهلهم للعمل في مختلف المجالات. وبتفتيش المقر، تم العثور على شهادات مزيفة، وأختام وكارنيهات مزورة. وأقرت السيدة خلال التحقيقات بمشاركتها في إدارة الكيان بغرض تحقيق مكاسب غير مشروعة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
وفي واقعة مماثلة، تم ضبط شخص آخر يدير مركزًا وهميًا يقدم خدمات تعليمية غير مرخصة، مستغلاً حالة القلق التي يعيشها الطلاب بعد الثانوية العامة. كان المتهم يروج لمؤسسته من خلال مطبوعات وإعلانات توحي بأنها تمنح شهادات معتمدة في تخصصات متنوعة، بينما تبيّن لاحقًا أنها مزيفة ولا تمتلك أي اعتماد رسمي.
شهادات بلا قيمة
تكمن الخطورة في أن الشهادات الصادرة عن هذه الكيانات لا يُعترف بها داخل مصر أو خارجها، بل إن استخدامها قد يورط أصحابها في مساءلات قانونية عند التقدم لوظائف أو السفر. وتعتمد هذه الجهات أساليب ترويج مخادعة تتلاعب بمشاعر الطلاب، مثل وعود بـ”الوظيفة المضمونة”، و”المستقبل السريع”، بينما لا تملك سوى أوراق وأختام مقلدة.
إشادة بالجهود الأمنية
وقد نالت جهود وزارة الداخلية إشادة واسعة من خبراء أمنيين، حيث نجحت خلال الأشهر الماضية في ضبط أكثر من 150 كيانًا تعليميًا وهميًا في مختلف المحافظات، ضمن خطة استراتيجية للتصدي لجرائم النصب التعليمي والإلكتروني.
وفي هذا السياق، قال اللواء رأفت الشرقاوي، الخبير الأمني، في تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، إن الوزارة ترصد هذه الكيانات بشكل دائم عبر فرق متخصصة في قطاع الأموال العامة والمصنفات، مؤكدًا أن هذه المراكز تتاجر بأحلام الشباب مقابل وعود زائفة.
عقوبات مشددة في القانون
ينص القانون المصري على عقوبات صارمة ضد من يديرون كيانات تعليمية غير مرخصة أو يصدرون شهادات وهمية، وتشمل الحبس، والغرامة، والمصادرة الكاملة للأدوات المستخدمة في الجريمة مثل الأختام المزورة وأجهزة الحاسب.
وقد تتضاعف العقوبة في حال تعدد الضحايا أو استهداف فئات بعينها مثل الشباب وذوي الدخل المحدود.
الوعي المجتمعي ضرورة
ورغم أهمية الجهود الأمنية، إلا أن الخبراء يشددون على أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب وعيًا مجتمعيًا واسعًا، يبدأ من الأسرة، ويشمل المدارس ووسائل الإعلام، بهدف توعية الطلاب بخطورة الكيانات غير القانونية، وتوجيههم إلى المسارات المعتمدة لتطوير أنفسهم أكاديميًا ومهنيًا.
وفي هذا السياق، أصبحت الصفحات الرسمية لوزارة الداخلية على مواقع التواصل إحدى الأدوات المهمة لمكافحة هذه الظاهرة، حيث تنشر بشكل دوري تحذيرات وبيانات رسمية، وتشجع المواطنين على الإبلاغ الفوري عن أي جهة مشبوهة، مما يعزز من دور المواطن كعين رقابية تسهم في حماية المجتمع من الاحتيال والنصب.