في واحدة من أكثر القصص إثارة للجدل في الوسط الفني والقانوني بمصر، أطاحت الأجهزة القضائية بمحاولة محكمة للاستيلاء على تركة المنتج السينمائي الراحل حسام شوقي، عبر استخدام عقد زواج مزور يفيد بارتباطه رسميًا بطليقته السابقة. القصة، التي بدأت بخيوط رفيعة من التزوير، انتهت بأحكام قضائية قاسية بالسجن لخمسة من المتهمين، بينهم الطليقة، في تهم تزوير محررات رسمية واستعمالها للاستيلاء على أموال وميراث لا يحق لهم قانونًا المطالبة به.
تعود وقائع الجريمة إلى عدة أشهر مضت، حين حاولت الطليقة، بالاشتراك مع عدد من المتهمين، اصطناع عقد زواج وهمي بينهما بعد وفاته، وتقديمه إلى جهات رسمية على أنه وثيقة قانونية، تمهيدًا للحصول على حصتها من التركة، رغم انفصالهما رسميًا قبل سنوات من وفاته.
تفاصيل التزوير: تمثيلية كاملة باسم الزواج
بحسب ما كشفته تحقيقات النيابة العامة، فقد تم تزوير بطاقة رقم قومي باسم المنتج الراحل، واستخدامها في تمثيل مشهد زواج وهمي أمام مأذون شرعي حسن النية، تم تضليله من قبل المتهمين. لعب أحد أفراد العصابة دور “الزوج” مستخدمًا الهوية المزورة، في حين ظهرت الطليقة كشريكة في التوثيق.
لم تكن الحيلة مجرد استغلال ورقة، بل عملية منظمة اتسمت بالدقة: من تزوير الوثائق، إلى الحضور الشخصي أمام المأذون، إلى توقيع العقود واستخدام أختام مزيفة. والهدف النهائي؟ تقديم الوثيقة إلى الجهات المختصة بالميراث لانتزاع حقوق مالية دون وجه حق.
العدالة تتدخل: سقوط الورقة الكاذبة
لم تمر المحاولة مرور الكرام. فقد اشتبهت الجهات المعنية في صحة العقد المقدم، خاصة أن اسم المنتج الراحل كان مُسجلاً ضمن بيانات الوفيات، مما أثار الشكوك حول صحة وثيقة الزواج. عند مراجعة الوثائق، تبيّن أن المنتج توفي قبل فترة من تحرير عقد الزواج “المزعوم”، ما دفع السلطات إلى فتح تحقيق موسّع في الواقعة.
التحقيقات أثبتت أن الوثيقة تمت صياغتها بالكامل بطريقة احتيالية، وأن المتهمين قاموا بتزوير بطاقة رقم قومي باسم الراحل، وانتحل أحدهم شخصيته، لتضليل الجهات الرسمية. تم تتبّع أطراف الجريمة والقبض على المتورطين، مع مصادرة الأدوات المستخدمة في التزوير.
الحكم القضائي: خمس سنوات خلف القضبان
أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمًا بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات على طليقة المنتج الراحل، وأربعة متهمين آخرين، بعد إدانتهم بتهم التزوير واستعمال محررات مزورة. كما قضت المحكمة بمعاقبة سكرتير مأذون ومتهم آخر بالحبس سنة مع الشغل، وبرّأت ثلاثة متهمين آخرين من التهم لعدم كفاية الأدلة.
ونص قرار المحكمة على أن “المتهمين اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة تزوير محرر رسمي واستعماله أمام جهة حكومية، بقصد الإضرار بالورثة الشرعيين، والاستيلاء على أموال لا يستحقونها قانونًا”.
ردود الفعل: صدمة في الوسط الفني وتحذير قانوني
أحدث الحكم القضائي صدى واسعًا داخل الوسط الفني، حيث عُرف حسام شوقي كأحد المنتجين البارزين الذين تركوا بصمة في صناعة السينما المصرية، وارتبط اسمه بعدد من الأفلام الناجحة وأعمال درامية كبرى. أثار اكتشاف القضية حالة من الاستياء والذهول لدى زملائه وأصدقائه، الذين أكدوا أنه لم يكن ليقبل أبدًا مثل هذا العبث باسمه وتاريخه.
من جانبها، أشارت المحامية سوما دوجلاس في تصريحات خاصة ل “فيوتشر واي”، إلى أن هذه القضية “تكشف عن مدى خطورة استغلال الثغرات القانونية، واستخدام عقود مزورة في محاولة للحصول على حقوق ليست مشروعة”، مؤكدة أهمية فحص جميع وثائق الميراث والوصايا بعناية شديدة قبل تمريرها قانونيًا.
من الحب إلى المحكمة: علاقة انتهت بالتزوير
في خلفية المشهد، كانت علاقة حسام شوقي بطليقته قد مرت بمراحل متعددة. بدأت بالزواج، ثم الانفصال، دون أن تظهر للعلن أي نزاعات قضائية كبيرة أثناء حياته. إلا أن وفاته فتحت الباب أمام طموحات شخصية للحصول على “ورث بالباطل”، لتُختتم العلاقة بأحد أكبر القضايا الجنائية في حياة شريكته السابقة.