كتب منتخب المغرب تحت 20 عاما، اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم العالمية، بعدما حقق إنجازا تاريخيا بالتتويج بلقب كأس العالم للشباب لأول مرة في التاريخ.
وحقق “أشبال الأطلس” فوزا مستحقا على منتخب الأرجنتين للشباب بهدفين دون رد، في المباراة النهائية التي جمعتهما فجر اليوم الإثنين على أرضية ملعب “تشيلي الوطني”.
وقدم المنتخب المغربى أداء بطوليا على مدار البطولة، أنهاه بعرض قوي في النهائي أمام العملاق الأرجنتيني، ليعتلى عرش العالم عن جدارة واستحقاق.
في ظل الإنجازات المتتالية التي حققها المنتخب المغربي في كرة القدم، يبرز دور أكاديمية محمد السادس كعامل حاسم في تحول المغرب إلى قوة كروية عالمية.
منذ تأسيسها قبل أكثر من عقد، ساهمت هذه الأكاديمية في إنتاج جيل من اللاعبين الذين قادوا “أسود الأطلس” إلى قمم لم يصل إليها أي فريق أفريقي أو عربي سابقًا، بما في ذلك الوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، وفوز بكأس العالم تحت 20 عامًا في 2025، وكسر الرقم القياسي العالمي في عدد الانتصارات المتتالية.
تأسيس الأكاديمية وأهدافها الاستراتيجية
افتتحت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في مارس 2010 على يد الملك محمد السادس، بهدف إعادة تشكيل المشهد الكروي المغربي. جاءت الفكرة كرد فعل على نقص المنشآت الرياضية والمواهب، حيث بدأ المشروع في 2007 بتكلفة بلغت حوالي 140 مليون درهم مغربي (نحو 13 مليون دولار أمريكي). تقع الأكاديمية في سالا الجديدة قرب الرباط، على مساحة 2.5 كيلومتر مربع، مصممة على شكل “دوّار” مغربي تقليدي يحتوي على ساحة مركزية محاطة بمبانٍ للسكن، التعليم، الرعاية الطبية، والمطاعم.
تجمع الأكاديمية بين التعليم الأكاديمي والتدريب الرياضي، حيث تضم مدرسة تابعة لوزارة التربية الوطنية مع برنامج “الرياضة-الدراسة”، بالإضافة إلى أربعة ملاعب كرة قدم مطابقة لمعايير الفيفا، ومركز طبي متكامل يشمل عيادة وعيادة علاج فيزيائي وحمامات علاجية. تستقبل الأكاديمية حوالي 50 مرشحًا سنويًا من أعمار 13 إلى 18 عامًا، مع التركيز على اكتشاف المواهب من المناطق المحرومة عبر اختبارات وطنية.
إنتاج المواهب ودورها في الإنجازات الوطنية
أنتجت الأكاديمية نخبة من اللاعبين الذين أصبحوا أعمدة المنتخب الوطني، مثل يوسف النصيري (لاعب إشبيلية الإسباني)، نايف أكرد (وست هام الإنجليزي)، حمزه منديل، وعز الدين أوناهي. هؤلاء اللاعبون كانوا جزءًا أساسيًا من الفريق الذي حقق إنجازًا تاريخيًا في كأس العالم 2022 بقطر، حيث أصبح المغرب أول دولة أفريقية وعربية تصل إلى نصف النهائي، محطمًا أسطورة الفرق الأوروبية واللاتينية.
مع مرور السنوات، امتد تأثير الأكاديمية إلى المنتخبات الشابة. في 2023، ساهمت بـ9 لاعبين في فوز منتخب تحت 17 عامًا بكأس أمم أفريقيا لأول مرة. وفي 2025، كانت الأكاديمية قلب الإنجاز التاريخي بفوز منتخب تحت 20 عامًا بكأس العالم، حيث شكل خريجوها العمود الفقري للفريق، مما أثار احتفالات واسعة في الشوارع المغربية وتهنئة من الملك محمد السادس. كما ساهمت في جذب لاعبين من الشتات المغربي، مما عزز المنتخب الوطني الذي يحتل الآن المركز الأول أفريقيًا والـ11 عالميًا في أكتوبر 2025، مع كسر الرقم القياسي العالمي في الانتصارات المتتالية (متجاوزًا إسبانيا).
وفقًا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، يعود الفضل في هذه الثورة الكروية إلى استثمارات الملك محمد السادس في الأكاديمية، التي أصبحت “جوهرة” التنمية الرياضية في المغرب. كما أدت إلى تأسيس أكاديميات مشابهة في مدن أخرى مثل أكادير وطنجة، مما يوسع قاعدة المواهب.
المستقبل: من الإنجازات إلى الاستضافة العالمية
مع تأهل المغرب كأول دولة أفريقية لكأس العالم 2026، وفوزه بثمانية مباريات تنافسية متتالية، يبدو أن الطريق ممهد لمزيد من الإنجازات. الأكاديمية ليست مجرد مصنع للاعبين، بل نموذج للتنمية الشاملة، تجمع بين الرياضة والتعليم لمواجهة التحديات الاجتماعية. كما أنها تنظم بطولات دولية سنوية تحت 19 عامًا، مما يعزز التبادل الدولي.
في النهاية، يُعد نجاح أكاديمية محمد السادس دليلاً على أن الاستثمار الاستراتيجي في الشباب يمكن أن يحول دولة إلى قوة عالمية. مع اقتراب كأس العالم 2030 التي ستستضيفها المغرب بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، ينتظر العالم المزيد من “أسود الأطلس” الذين صنعتهم هذه الأكاديمية.