تفجّرت أزمة جديدة داخل القطاع المصرفي المصري بعد أن نشر المواطن يحيى صلاح المغربي عبر صفحته الشخصية على “فيسبوك” تفاصيل ما وصفه بـ”كارثة مالية”، إثر تعرض حساب والده المسن في بنك مصر لعملية سطو إلكتروني من داخل النظام البنكي نفسه، أسفرت عن سرقة نحو مليوني جنيه، في واقعة تثير تساؤلات خطيرة حول أمن النظام المصرفي وضعف الرقابة الداخلية.
القصة بدأت، بحسب رواية المغربي، صباح 14 أغسطس الماضي، حين استيقظ والده على أكثر من 30 رسالة نصية من بنك مصر تفيد بتنفيذ عمليات متعددة خلال أقل من ساعتين، شملت فك 20 وديعة قبل موعدها وتحويل مبالغ ضخمة تجاوزت المليون وثلاثمائة ألف جنيه إلى حسابات مجهولة، دون أي تنبيه أو مكالمة أو رمز تأكيدي (OTP).
يقول الابن في منشوره إن والده – وهو رجل سبعيني يعيش على عوائد الودائع الشهرية – فقد كل مدخراته بين الساعة العاشرة والحادية عشرة صباحًا، مشيرًا إلى أن البنك اكتفى بالرد بأن “المعاملات تمت تحت مسؤولية العميل الشخصية”، وهو ما وصفه بـ”العبث والاستهانة بعقول المصريين”.
وبحسب ما رواه، فإن الأسرة حاولت على مدى أسابيع التواصل مع فروع البنك المختلفة وتقديم بلاغات في مباحث الأموال العامة والنيابة العامة، إضافة إلى شكوى رسمية للبنك المركزي، لكنهم لم يتلقوا أي رد فعلي واضح من إدارة البنك، بل فوجئوا – حسب قوله – بـ”رفض تسجيل شكاوى جديدة” أو السماح بمقابلة أي مسؤول رفيع.
القضية لا تقف عند حدود عميل واحد فقد مدخراته، بل تفتح الباب واسعًا أمام أسئلة حقيقية حول كفاءة نظم التأمين الإلكتروني بالبنوك المصرية، وعلى رأسها بنك مصر. فهذه ليست الواقعة الأولى التي تثار ضد البنك بشأن ثغرات في الخدمات الإلكترونية، إذ تكررت خلال العامين الماضيين شكاوى مشابهة حول تحويلات غامضة من حسابات عملاء دون إذنهم، وسط غياب الشفافية في الرد أو تحمّل المسؤولية.
ويرى خبراء مصرفيون أن هذه الواقعة تمثل جرس إنذار حقيقي للبنك المركزي المصري بضرورة مراجعة إجراءات الأمان الإلكتروني في جميع البنوك العاملة داخل البلاد، ومحاسبة كل مسؤول يثبت تقصيره في حماية أموال المواطنين، خاصة مع التوسع المتزايد في خدمات “الموبايل البنكي” و“التحويل اللحظي” التي أصبحت سلاحًا ذا حدين في ظل غياب المتابعة الصارمة.
بنك مصر، الذي يُعد أحد أعرق المؤسسات المالية الوطنية، يعيش منذ فترة على وقع انتقادات متكررة تتعلق بالبطء في خدمة العملاء وضعف أنظمة الدعم الفني، إلى جانب اتهامات بالتعامل البيروقراطي في شكاوى المتضررين. ووفقًا لمراقبين، فإن استمرار هذه الأزمات دون تدخل حاسم يُهدد ثقة الجمهور في القطاع المصرفي ككل، ويفتح الباب أمام عودة ثقافة “تحت البلاطة” بعد سنوات من جهود الدولة لإقناع المواطنين بإيداع أموالهم في البنوك.
وفي ختام منشوره، وجه يحيى المغربي رسالة لاذعة للبنك قال فيها: “أنفقنا أعمارنا في بناء الثقة في مؤسسات الدولة، لكن بنك مصر أنهى هذه الثقة في ساعة واحدة. إذا لم يجد عميل VIP تعاونًا أو أمانًا، فكيف يكون حال المواطن البسيط؟”
القضية لا تزال منظورة أمام النيابة العامة، بينما يترقب الرأي العام تحرك البنك المركزي ومحاسبة المتسببين، في انتظار إجابة على السؤال الأهم: من يحمي المصريين من كوارث الإهمال المصرفي؟