ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، كلمة بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر المجيدة لعام 1973، استهلها بتوجيه التحية إلى الشعب المصري العظيم وأبناء القوات المسلحة الباسلة، مؤكدًا أن السادس من أكتوبر سيظل يومًا خالدًا في وجدان الأمة، لما حمله من معاني الفخر والعزة والانتصار.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي: في هذا اليوم المجيد، نقف جميعًا وقفة عز وفخر، نُحيي فيها ذكرى يوم خالد في تاريخ ووجدان الأمة، يوم السادس من أكتوبر عام 1973، ذلك اليوم الذي أضاف لمصر والعرب جميعًا فخرًا ومجدًا إنه يوم الانتصار العظيم، يوم العبور، يوم وقف فيه العالم احترامًا وإجلالًا لعظمة وإرادة المصريين، ولوحدة القرار العربي.
وتوجه الرئيس بتحية خالصة إلى روح القائد العظيم، الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام، وصاحب القرار الجريء والرؤية الثاقبة، الذي قاد الأمة بحكمة وشجاعة نحو النصر والسلام، كما وجه التحية لقادة القوات المسلحة، وكل ضابط وجندي، وكل شهيد وجريح، وكل من لبى نداء الوطن في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ مصر.
وأكد الرئيس السيسي أن إحياء هذه الذكرى ليس مجرد احتفال، وإنما هو استلهام للدروس والعبر من ملحمة أكتوبر، مشيرًا إلى أن النصر لا يُمنح، بل يُنتزع، من خلال التخطيط المحكم، والعمل المخلص، وتماسك الجبهة الداخلية، واليقين بنصر الله، مستشهدًا بقوله تعالى: “إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.
وأضاف: بهذا اليقين انتصرت مصر، وبهذا اليقين ستظل منتصرة بإذن الله إلى يوم الدين.
بناء مصر الحديثة واستلهام روح أكتوبر
وأوضح الرئيس أن من روح أكتوبر تستمد الدولة عزيمتها لبناء مصر الجديدة، الدولة العصرية الحديثة التي تليق بتاريخها وتستحق أن تكون في مصاف الدول الكبرى.
وتابع: نعمل بكل جد وإخلاص على بناء دولة قوية، عصرية، متقدمة، تعبر عن وزن مصر الحقيقي، وعن قيمتها الحضارية والإنسانية، في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء، نبني مؤسسات راسخة، ونطلق مشروعات تنموية عملاقة، ونعيد رسم ملامح المستقبل، لتكون مصر كما يجب أن تكون رائدة، ومتقدمة، ومؤثرة.
وأشار إلى أن القيم التي قادت إلى نصر أكتوبر لا تزال صالحة اليوم في مواجهة التحديات، لافتًا إلى أن الأوضاع الإقليمية لم تعد تحتمل التراخي، ما يتطلب من الجميع استدعاء روح أكتوبر كنهج راسخ في الحياة السياسية والاجتماعية، للمضي قدمًا وتجاوز الأزمات.
تجربة مصر في السلام
وفي جانب آخر من كلمته، استعرض الرئيس السيسي تجربة مصر التاريخية في السلام مع إسرائيل، مؤكدًا أنها لم تكن مجرد اتفاق سياسي، بل تأسيس لسلام عادل، كسر دوامة الانتقام، وفتح صفحة جديدة في التاريخ، وأنهى عداءً دام سنوات طويلة.
وقال: لقد خاضت مصر وإسرائيل حروبًا ونزاعات عسكرية ضارية، دفع فيها الطرفان أثمانًا فادحة من الدم والدمار، وكان للعداء أن يستمر ويتجذر، لولا بصيرة الرئيس السادات، وحكمة القيادات الإسرائيلية آنذاك، والوساطة الأمريكية التي مهدت الطريق نحو سلام عادل وشجاع.
وأضاف أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يُفرض بالقوة أو يُملى إملاءً، بل يُبنى على دعائم العدالة والإنصاف، مشيرًا إلى أن تجربة مصر أصبحت نموذجًا يحتذى به في صناعة السلام.
دعم القضية الفلسطينية
وشدد الرئيس السيسي على أن السلام الحقيقي في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقًا لمرجعيات الشرعية الدولية، وبما يعيد الحقوق إلى أصحابها، مؤكدًا أن: السلام الذي يُفرض بالقوة لا يولد إلا احتقانًا، أما السلام الذي يُبنى على العدل، فهو الذي يُثمر تطبيعًا حقيقيًا وتعايشًا مستدامًا بين الشعوب.
وفي هذا الإطار، وجّه الرئيس التحية إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مبادرته الساعية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد عامين من الحرب والدمار، مشددًا على أن وقف إطلاق النار، وعودة الأسرى، وإعادة الإعمار، وبدء مسار سياسي يُفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، تمثل خطوات حقيقية نحو السلام الدائم.
تحية للجيش المصري
واختتم الرئيس السيسي كلمته برسالة طمأنة للشعب المصري، مؤكدًا على جهوزية الجيش المصري والتزامه الكامل برسالته الوطنية، بقوله: أطمئنكم أن جيش مصر، قائم على رسالته في حماية بلده والحفاظ على حدودها، ولا يهاب التحديات، جيش وطني من صلب هذا الشعب العظيم، وأبناؤه يحملون أرواحهم على أكفهم، ويقفون كالسد المنيع أمام كل الصعاب والتهديدات.