في تصريح مثير للجدل يعكس تعزيز التحالف الإسلامي في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة، أعلن وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد أسيف أن برنامج باكستان النووي “سيكون متاحًا” للسعودية إذا لزم الأمر بموجب الاتفاقية الدفاعية المشتركة الجديدة التي وقعتها البلدان الأسبوع الماضي. يأتي هذا الإفصاح، الذي يُعد أول اعتراف صريح بهذا الأمر، في سياق ضربات إسرائيل الأخيرة على قادة حماس في قطر، مما دفع دول الخليج إلى البحث عن ضمانات أمنية بديلة عن الولايات المتحدة.
الاتفاقية: خطوة نحو تحالف نووي مشترك
وقع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الاتفاقية الدفاعية المتبادلة في الرياض يوم 17 سبتمبر، والتي تنص على أن “أي عدوان على أحد الدولتين يُعتبر عدوانًا على الاثنتين”. وفقًا لتصريحات أسيف في مقابلة مع قناة “جيو تي في” مساء الخميس، فإن هذا الاتفاق يشمل “جميع الوسائل العسكرية”، بما في ذلك القدرات النووية التي طورتها باكستان منذ تجاربها النووية في 1998. وقال أسيف: “ما لدينا من قدرات سيتم توفيرها للسعودية وفقًا لهذا الاتفاق”، مشيرًا إلى أن البرنامج النووي الباكستاني، الذي يُقدر بحوالي 170 رأسًا نوويًا، تم تدريب قواته للاستخدام في ساحات المعركة.
يُعد هذا الإعلان تتويجًا لسنوات من التعاون العسكري بين البلدين، حيث قدمت السعودية دعمًا ماليًا تاريخيًا لبرنامج باكستان النووي، مقابل تدريبات عسكرية ودعم أمني. وأكد مسؤول سعودي كبير لرويترز أن الاتفاق “شامل لكل الوسائل الدفاعية”، دون الإشارة صراحة إلى النووي، لكنه يأتي في وقت تشكو فيه دول الخليج من تراجع الضمانات الأمريكية، خاصة بعد هجوم إسرائيل على قطر.
السياق الإقليمي: رد على التوترات مع إسرائيل
يأتي التوقيع على الاتفاق بعد أسبوع من الضربات الإسرائيلية على قادة حماس في الدوحة، مما أثار مخاوف سعودية من تصعيد إقليمي. ومنذ الثورة الإيرانية عام 1979، كانت باكستان توفر دعمًا عسكريًا للسعودية، بما في ذلك نشر قوات في السبعينيات لمواجهة التهديدات المصرية. اليوم، يُرى الاتفاق كمحاولة لتشكيل “تحالف إسلامي” أوسع، حيث أشارت تقارير إلى إمكانية انضمام دول عربية أخرى، في مواجهة برنامج إسرائيل النووي غير المعلن.
في الوقت نفسه، أثارت الخطوة انتقادات من الهند، التي اتهمت باكستان بـ”بيع قنبلتها النووية”، ووصفها وسائل إعلام هندية بـ”الإرهاب النووي”. كما حذرت إسرائيل من أن الاتفاق “يُفاقم التوترات”، دون تعليق رسمي فوري.
التداعيات: تعزيز الردع أم تصعيد السباق النووي؟
يُتوقع أن يعزز الاتفاق الردع الإقليمي، خاصة مع تطور إيران لبرنامجها النووي وسحبها المحتمل من معاهدة عدم الانتشار. ومع ذلك، أثار مخاوف دولية بشأن انتشار الأسلحة النووية، حيث يُعتقد أن السعودية قد تسعى لبرنامج نووي مستقل بدعم أمريكي، لكن الاتفاق الباكستاني يوفر حلاً فوريًا. على الصعيد الاقتصادي، يدعم التحالف الروابط الاقتصادية، مع استثمارات سعودية في باكستان بلغت مليارات الدولارات.
مع تزايد التوترات في الشرق الأوسط، يبدو أن هذا الاتفاق ليس مجرد ورقة، بل خطوة استراتيجية قد تعيد رسم خريطة التحالفات. هل سيؤدي إلى سلام أم إلى سباق تسلح جديد؟ الإجابة تكمن في ردود الفعل الدولية القادمة.