في خطوة تعكس القلق الدولي المتزايد إزاء الأزمة الإنسانية في غزة، وقّع نحو 20 كاتباً ومثقفاً بارزاً، بما في ذلك ثلاثة حائزين على جائزة نوبل في الأدب، رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يطالبون فيها باستئناف فوري لبرنامج الإجلاء الفرنسي للعلماء والفنانين والكتاب الفلسطينيين من غزة.
تُعد هذه الرسالة، التي أُرسلت إلى مكتب الرئيس الفرنسي يوم الجمعة الماضي، دعوة عاجلة لاستعادة برنامج “باوز” (PAUSE)، الذي يُعد خط حياة للمبدعين الفلسطينيين المعرضين للخطر في ظل الحرب المستمرة. ويأتي هذا الطلب في أعقاب تعليق البرنامج من قبل الحكومة الفرنسية في أغسطس الماضي، بعد حالة واحدة اتهمت فيها طالبة فلسطينية من غزة بنشر تصريحات معادية للسامية.
تفاصيل الرسالة والموقعين البارزين
تشمل الموقعين الرئيسيين الكاتبة الأيرلندية سالي روني، والكاتبة البريطانية ديبورا ليفي، وحائزة نوبل في الأدب آني إرنو (فرنسا)، بالإضافة إلى حائزي نوبل عبد الرزاق غورناه (تنزانيا) وجيه إم جي لو كليزيو (فرنسا)، وفائز بوليتزر في الأدب فيت ثانه نغوين (فيتنام-أمريكا). كما وقّع الرسالة كتاب آخرون مثل أن إنرايت، ليلا سليماني، ماديلين ثيان، إدوارد لويس، إيزابيلا حماد، ديدييه إريبون، نعومي كلاين، ماكس بورتر، ألان داماسيو، ماثياس إنارد، كابكا كاسابوفا، كريم كتان، ورشيد خالدي.
في الرسالة، يصف الموقعون تعليق البرنامج بأنه “عقاب جماعي”، مشددين على أن “هذا التعليق بناءً على حالة واحدة لمنشور عنصري على وسائل التواصل الاجتماعي يُعد شكلاً من أشكال العقاب الجماعي في وقت يجب على جميع الدول الموقعة على اتفاقيات الإبادة الجماعية أن تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الفلسطينيين من الإبادة وأن ترفض التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية”.
وأضافوا: “نحن نأمل أن تتمكن فرنسا من الوفاء بقيمها الإنسانية المعلنة، وأن يتخذ الحكومة الفرنسية الخيار الصحيح ويستأنف برنامج PAUSE”. كما دعت الرسالة الرئيس ماكرون إلى الدعوة إلى رؤساء دول آخرين لإنشاء برامج مشابهة.
سياق البرنامج وتأثيره
أُطلق برنامج PAUSE كجزء من جهود فرنسا لاستضافة العلماء والمبدعين المضطهدين، وقد نجح منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر 2023 في إجلاء 31 فناناً وكاتباً وأكاديمياً فلسطينياً وعائلاتهم إلى فرنسا، عبر تأشيرات مواهب تسمح لهم بالعودة إلى فلسطين دون اعتبارها لجوءاً.
ومع ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في 1 أغسطس أن “لا إجلاء من أي نوع سيستمر” أثناء التحقيق في حالة الطالبة المقبولة في جامعة ساينس بو ليل. ويُعد هذا التعليق خطوة مثيرة للجدل، خاصة مع تصاعد التحذيرات الدولية من مجاعة وتدمير واسع في غزة.
الردود الدولية والأثر الثقافي يأتي هذا الدعوة في سياق حملات دولية أوسع، حيث وقّع أكثر من 4400 عالماً، بما في ذلك 14 حائزاً على نوبل، بياناً في سبتمبر يطالب بوقف “الأزمة الإنسانية المصنوعة يدوياً” في غزة، مشددين على نقص الغذاء والدواء والتعليم، وتدمير الجامعات. كما دعت مجموعة من الاقتصاديين البارزين، بما في ذلك 10 حائزين على نوبل، إسرائيل إلى وقف سياساتها التي تفاقم المجاعة.
تُعد هذه الرسالة تذكيراً بمسؤولية المجتمع الدولي تجاه حفظ التراث الثقافي والعلمي في مناطق النزاع، حيث يُخشى من فقدان جيل كامل من المبدعين الفلسطينيين. وأعرب الموقعون عن تفاؤلهم بأن تستجيب فرنسا لهذه الدعوة، مما يعزز دورها كملاذ للثقافة والحرية.
سيتابع الخبراء تطورات هذه القضية، مع توقعات بأن تثير الرسالة نقاشاً أوسع في الأوساط الدبلوماسية والثقافية حول دور الدول في حماية المثقفين في أوقات الأزمات.