في الوقت الذي تدق فيه تقارير بوسائل الإعلام ناقوس الخطر محذرة من مجاعة جماعية في غزة، يبدو أن ضمير العالم قد أصيب بالصمم! فبينما الأطفال يموتون جوعاً، والمستشفيات تتحول إلى أطلال، والطعام والدواء أصبحا حلمًا بعيد المنال، لا تزال الأصوات الدولية تتعامل ببرود صادم مع كارثة إنسانية لم تشهدها المنطقة منذ عقود.
هذه ليست مجرد أزمة، بل هي اختبار حقيقي لإنسانيتنا الجماعية.
وصلت الأوضاع في غزة إلى نقطة اللا عودة ومعدلات الجوع: 85% من السكان نازحون، و95% يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد مع انهيار النظام الصحي 32 مستشفى من أصل 35 خارج الخدمة تمامًا ونقص المياه: 90% من السكان يستهلكون مياه ملوثة غير صالحة للشرب والتقارير الدولية تتحدث عن “مجاعة متحكم بها” تُستخدم كسلاح حرب، حيث تحول القطاع إلى سجن مفتوح تحت القصف مع حرمان متعمد من أدنى مقومات الحياة وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحذيرات الدولية، تواصل السلطات الإسرائيلية عرقلة وصول المساعدات عبر المعابر واستهداف قوافل الإغاثة والمستشفيات ورفض تطبيق قرارات الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار…هذا ليس مجرد صراع عسكري، بل هو حرب على المدنيين بأبشع الصور.
وسط هذا المشهد الكارثي، تظل مصر هي شريان الحياة الوحيد لأهل غزة ومعبر رفح: البوابة الوحيدة التي لا تزال تسمح بدخول شحنات محدودة من المساعدات والمستشفيات المصرية تواصل استقبال آلاف الجرحى وتقديم العلاج المجاني والدبلوماسية المصرية تعمل على قيادة حملات دولية حثيثة لكسر الحصار وفضح الجرائم ورغم كل التحديات الأمنية والسياسية، لم تتردد مصر يوماً في الوقوف مع الأشقاء، مؤكدة أن القضية الفلسطينية ستظل قضيتها المركزية.
السؤال الذي يفرض نفسه الآن: كم طفلاً يجب أن يموت جوعاً حتى تستيقظ الضمائر؟ كم مستشفى يجب أن يدمر حتى يتحرك العالم؟ لقد حان الوقت لكسر الصمت والوقوف في وجه هذه الجريمة الدولية.
وعلى المحكمة الجنائية الدولية تحميل المسؤولية لمنفذي هذه الجرائم، وعلى البرلمانات العالمية فرض عقوبات فورية وعلى منظمات الإغاثة التحرك بعيداً عن البيروقراطية.
غزة تموت أمام أعيننا، والإنسانية تخسر معركتها الأخلاقية، فإما أن نتحول جميعاً إلى شهود صامتين على الإبادة، أو نكون جزءاً من صوت التاريخ الذي يقول: كفى.