ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور جعفر حسّان، رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية، جلسة مباحثات موسعة في إطار الدورة الثالثة والثلاثين للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، التي عُقدت في أجواء تؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وحرص قيادتيهما على تطوير التعاون المشترك في مختلف المجالات.
وشارك في الجلسة وفد رفيع من الجانبين، حيث حضر من الجانب المصري عدد من الوزراء والمسؤولين، من بينهم الفريق مهندس كامل الوزير، والدكتورة رانيا المشاط، والمهندس محمود عصمت، والدكتورة منال عوض، وأحمد كجوك، ومحمد جبران، إضافة إلى عدد من السفراء والمساعدين، كما حضر من الجانب الأردني عدد من الوزراء وكبار المسؤولين.
تعزيز التعاون الثنائي
أكد رئيسا الوزراء أهمية المضي قدمًا في دفع أطر التعاون الثنائي في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، وعلى رأسها مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل والتجارة والسياحة. كما ناقش الجانبان سبل تفعيل “آلية التعاون الثلاثي” بين مصر والأردن والعراق، والتي وصفها الجانبان بأنها ركيزة استراتيجية لمواجهة التحديات الإقليمية وتعزيز التكامل الاقتصادي.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى استعداد مصر التام لدعم الاستثمارات المشتركة مع الأردن، معربًا عن تقديره لحجم الاستثمارات الأردنية في مصر، ومشددًا على أهمية تعزيزها خلال الفترة المقبلة.
التجربة المصرية في العاصمة الإدارية… نموذج للتعاون
من أبرز ما طُرح خلال المباحثات، إعلان رئيس الوزراء الأردني تطلع بلاده للاستفادة من الخبرات المصرية في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، خاصة في إطار خطة الأردن لإنشاء مدينة إدارية تضم المؤسسات الحكومية. وقد رحب الدكتور مدبولي بهذا التوجه، مؤكدًا استعداد الشركات المصرية لنقل تجربتها وخبراتها في هذا المجال.
القضية الفلسطينية محور مشترك
احتلت القضية الفلسطينية صدارة المباحثات، حيث أعرب الدكتور مدبولي عن استمرار التنسيق الكامل بين مصر والأردن على المستوى السياسي لدعم الحقوق الفلسطينية، ومواجهة محاولات تصفية القضية سواء في غزة أو الضفة الغربية. وأكد أن القاهرة تبذل جهودًا مكثفة بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، تمهيدًا لعقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار والتعافي المبكر في القطاع.
من جانبه، ثمّن رئيس الوزراء الأردني الموقف المصري، مشيدًا بما تبذله الدولة المصرية من دعم سياسي وإنساني كبير لصالح سكان غزة، ودورها الفعال في وقف إطلاق النار والدفع نحو الحلول السياسية المستدامة.
رعاية العمالة المصرية في الأردن
في بادرة تقدير للعلاقات الإنسانية بين البلدين، وجّه الدكتور مصطفى مدبولي الشكر للحكومة الأردنية على رعايتها الجيدة للعمالة المصرية المقيمة في المملكة، مؤكدًا أهمية استمرار التنسيق في هذا الملف لضمان حقوق العاملين وتيسير الإجراءات المتعلقة بهم.
في المقابل، أكد الدكتور جعفر حسّان أن الإجراءات التي تتخذها بلاده لتنظيم سوق العمل تهدف إلى تقنين وتصويب الأوضاع دون المساس بالعمالة المصرية، التي تُعد شريكًا رئيسيًا في الاقتصاد الأردني.
رسائل سياسية ورؤية مستقبلية
وجّه الدكتور مدبولي في كلمته تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جلالة الملك عبد الله الثاني، مؤكدًا وحدة المصير والتحديات بين البلدين. كما شدد على أهمية استمرار هذا النوع من الاجتماعات الدورية لتبادل الرؤى وتنسيق الجهود لمواجهة المستجدات الإقليمية والدولية، والعمل المشترك من أجل مستقبل شعوب المنطقة.
من جانبه، أشار الدكتور حسّان إلى أن اللجنة العليا المشتركة بين مصر والأردن تُعد من أنجح اللجان العربية من حيث انتظام أعمالها وتقدّم مشاريعها، معتبرًا إياها نموذجًا يُحتذى به في التعاون العربي العربي.
خرجت جلسة المباحثات بتوافق واضح بين الجانبين حول ضرورة البناء على ما تحقق، والانطلاق نحو مرحلة جديدة من التعاون الإستراتيجي، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن الإطار الثلاثي مع العراق، في وقت تمر فيه المنطقة بتحديات تتطلب تضافر الجهود والتنسيق السياسي والاقتصادي والأمني.