في وقتٍ يُغلق فيه العالم عينيه ويُصمّ أذنيه، تواصل غزة كتابة حكايات الصمود من بين الركام. هناك، حيث تنام الطفولة على شظايا الصواريخ، وتستيقظ الأمهات بحثًا عن مأوى أو نافذة تطلّ على الأمل، يعلو صوت الحق من القاهرة، مدفوعًا بضمير حقوقي يُدرك أن الكلمة الصادقة قد تهزّ أركان الصمت الدولي.
جريمة مكشوفة وازدواجية فاضحة
الدكتور هاني إبراهيم، الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، أكد أن ما يجري في غزة ليس أزمة إنسانية فحسب، بل “كارثة تمسّ الأمن القومي العربي والمصري”، مشيرًا إلى أن الصمت الدولي وازدواجية المعايير ينسفان ثقة الشعوب في القانون الدولي.
وأضاف: “حين تتكرر المآسي ولا يتحرك العالم، نُذكّر بمجازر رواندا وميانمار. يبدو أن المنظومة الحقوقية أصبحت بلا قوة ردع، ومصير الشعوب مرهون بإرادة قادة جدد، يحملون شجاعة الإصلاح، كما فعل الراحل بطرس غالي يومًا”.
انتكاسة للقانون الدولي.. والمشهد الحقوقي في خطر
عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وصف ما يحدث في غزة بأنه “ضربة قاصمة لمنظومة حقوق الإنسان العالمية”، كاشفًا عن تقديم تقرير شامل إلى المحكمة الجنائية الدولية يوثّق الجرائم الإسرائيلية، بالتعاون مع المنظمة العربية لحقوق الإنسان.
وأوضح شيحة أن التقرير قوبل بتهديد أمريكي صريح، حيث لوّح الكونغرس بوقف التمويل عن المحكمة، بينما تتابع إسرائيل القضاة وتلوّح بمحاسبتهم. وأضاف: “أصبحت حقوق الإنسان أداة انتقائية تُستخدم سياسيًا، لكن مصر تُصرّ على تطوير ملفها الحقوقي بإرادة خالصة، لحماية مواطنيها، ولقطع الطريق على أي تدخل خارجي مشبوه”.
الشعب الفلسطيني وحق تقرير المصير
سعيد عبد الحافظ، رئيس الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية، أعاد التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي جوهر العدالة الغائبة، مشيرًا إلى أن “المادة الأولى من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تضمن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو ما ينطبق بوضوح على فلسطين”.
وقال عبد الحافظ: “نحن نوثق ما يحدث على الأرض، ونعمل في ظل غياب شبه كامل للجهود الدولية الجادة. المشكلة ليست في القوانين، بل في مجلس الأمن الذي تخنقه المصالح. ولذلك، لن نترك الساحة خالية للقوى الكبرى التي تدهس العدالة باسم النفوذ”.
رسالة من القاهرة إلى العالم: “حقوق غزة ليست قضية مؤقتة.. بل ضمير أمة”
تُجمع الأصوات الحقوقية في مصر على أن الدفاع عن غزة ليس موقفًا عاطفيًا أو موسميًا، بل قضية إنسانية وقومية تتعلق بالكرامة والعدالة وحقوق الإنسان. ورغم التجاهل الدولي، فإن توثيق الجرائم، وفضح التواطؤ، والدفاع عن الحق الفلسطيني سيبقى واجبًا لا يسقط بصمت المؤسسات أو بسطوة السلاح.