أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، فجر اليوم الأربعاء، زيارة تفقدية إلى الأكاديمية العسكرية المصرية، الواقعة بمقر قيادة الدولة الاستراتيجي في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث كان في استقباله الفريق أشرف زاهر، مدير الأكاديمية. بدأت الزيارة بأداء الرئيس صلاة الفجر مع طلاب الأكاديمية، أعقبها لقاء مباشر عبّر فيه عن تقديره الكبير لقيادات الأكاديمية وأعضاء هيئة التدريس والدارسين والدارسات، مشيدًا بالدور الوطني الذي تقوم به هذه المؤسسة في إعداد كوادر قادرة على تحمل المسؤولية.
وأكد الرئيس أن الأكاديمية لم تعد مجرد مصنع للرجال كما كانت تُعرف سابقًا، بل أصبحت منارة علمية وتدريبية تسهم في إعداد الرجال والسيدات، وبناء الشخصية المصرية المتزنة التي تستطيع مواجهة تحديات العصر، وتقديم نموذج للقيادة داخل مختلف مؤسسات الدولة. وأشاد بالدورات المتخصصة التي تقدمها الأكاديمية للكوادر المدنية، وأهمية محتواها العلمي والتدريبي في مجالات متعددة.
وفي حديثه مع الطلاب، تناول الرئيس الوضع الداخلي، مشددًا على أن مصر تنعم حاليًا باستقرار داخلي نتيجة سياسات الدولة التي اعتمدت خلال العقد الأخير على الصراحة والمصداقية في التعامل مع الشعب، وهي السياسات التي أثبتت نجاعتها رغم ما واجهته البلاد من تحديات أمنية واقتصادية صعبة منذ عام 2011. وأوضح أن الدولة استطاعت تجاوز فترات دقيقة كانت تهدد استقرارها، وما تزال تحقق تقدمًا واضحًا رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة.
الرئيس السيسي أشار إلى أن تداعيات الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، كان لها تأثير مباشر على عائدات قناة السويس، أحد أهم مصادر الدخل القومي، ما شكل ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد المصري. إلا أنه أكد أن مسار الإصلاح الاقتصادي مستمر، داعيًا المصريين إلى التكاتف والصبر لعبور المرحلة الحالية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما شدد الرئيس على أهمية التقدم العلمي، معتبرًا أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تمثل خطرًا في حد ذاتها، بل إن طريقة استخدامها هي التي تحدد أثرها، فهي قد تكون أداة بنّاءة إذا أُحسن توظيفها، لكنها تتحول إلى وسيلة لهدم المعنويات وترويج الشائعات إذا أُسيء استخدامها. وأكد أن الشعب المصري بات أكثر وعيًا وقدرة على التمييز بين المعلومات الموثوقة والدعائية الهدامة.
في الشأن الإقليمي، أكد الرئيس أن المنطقة العربية تمر بظروف استثنائية ممتدة منذ عام 2011، وليست وليدة أحداث السابع من أكتوبر 2023. وشدد على أن هذه التطورات تثبت صحة النهج الذي اتبعته الدولة المصرية في سياستها الخارجية، والقائم على مبادئ التوازن، وعدم التدخل في شؤون الدول، واحترام السيادة الوطنية. كما حذر من محاولات بعض الجهات الإعلامية بث الفُرقة بين الشعوب العربية، مؤكدًا على متانة العلاقات المصرية مع الدول العربية الشقيقة، وضرورة تجاوز الخلافات من أجل دعم وحدة الصف العربي.
الرئيس السيسي أشار كذلك إلى أن الأمن القومي العربي لا يتجزأ، وأن مصر ترتبط به ارتباطًا وثيقًا، وترفض أي تدخل خارجي يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة. وفيما يخص القضية الفلسطينية، أوضح أن مصر كانت تدرك منذ عام 2007 خطورة الانقسام والتصعيد في قطاع غزة، وبذلت جهودًا كبيرة لتجنب المواجهات المسلحة، وحرصت دائمًا على أن لا يدفع الشعب الفلسطيني وحده ثمن الصراعات.
وفي ختام زيارته، جدد الرئيس السيسي تأكيده على ثقته في وعي الشعب المصري، وضرورة التكاتف الوطني لمواصلة البناء والاستقرار، مشيرًا إلى أن الأكاديمية العسكرية تمثل نموذجًا لما يجب أن تكون عليه المؤسسات التعليمية والتدريبية في الجمهورية الجديدة.