أكد المهندس محمد البستاني، رئيس جمعية المطورين العقاريين، أن القطاع العقاري المصري مرّ بمرحلة من الركود النسبي والهدوء الحذر، خاصة في أعقاب تغير سعر الصرف، حيث سيطرت حالة من التشبع على السوق بعد أن أقبل المواطنون بكثافة على شراء العقارات، تخوفًا من انخفاض قيمة الجنيه، في محاولة لتأمين مدخراتهم، كما لو أنهم يقومون بتخزين احتياجاتهم للعام القادم.
يصب في صالح العميل
وأوضح البستاني في تصريحاته خلال برنامج “ثروتنا” المذاع ىعلي قناة “المحور”، أن السوق بدأ حاليًا في التعديل والتوازن التدريجي، مشيرًا إلى أن المنافسة أصبحت شديدة جدًا بين المطورين، وهو ما يصب في صالح العميل، الذي بات يمتلك اليوم عددًا ضخمًا من العروض في مواقع متعددة وبأنظمة سداد متنوعة.
وقال إن العميل لم يعد أمامه مشروع أو اثنين للاختيار، بل أمامه آلاف المشروعات، وهو الآن في موقع القوة والاختيار.
وأضاف أن مشكلة إعادة البيع ظهرت بوضوح، حيث أصبح من يمتلك وحدة تحت الإنشاء يواجه صعوبة في بيعها، ما يؤكد أن فكرة التسقيع العقاري على المدى القصير قد انتهت، وأنه لم يعد منطقيًا شراء وحدة اليوم بهدف بيعها بعد أشهر أو حتى عام.
ثلاث سنوات على الأقل
وأوضح أن أي استثمار عقاري حالي يحتاج إلى ثلاث سنوات على الأقل كي يبدأ تحقيق عائد.
ووجّه البستاني نصيحة للمواطنين الراغبين في شراء وحدات عقارية، مؤكدًا أن هناك نوعين من العملاء: من يبحث عن وحدة جاهزة ويسددها نقدًا، ومن يخطط لاستثمار طويل الأجل عبر شراء وحدات على المخطط (أوف بلان).
وواصل وفي كل الأحوال، يجب على العميل أن يختار مطورًا عقاريًا موثوقًا يتمتع بملاءة مالية وسابقة أعمال قوية تضمن له تنفيذ المشروع وتسليمه في موعده، حتى في حال تأخيرات طفيفة قد تطرأ نتيجة الأوضاع الاقتصادية.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن السوق يشهد ما وصفه بـمجزرة بناء، بسبب عدم قدرة بعض المطورين على استكمال مشروعاتهم، خاصة بعد ارتفاع تكاليف البناء بشكل كبير، بالتزامن مع اضطرابات سعر الصرف.
أسعار منخفضة جدًا
وقال إن بعض الشركات باعت مشروعاتها بأسعار منخفضة جدًا في مراحلها الأولى، ثم فوجئت بأن تكلفة تنفيذ المشروع تضاعفت ثلاث مرات، ما أدى إلى وقوعها في أزمة مالية حقيقية.
وأكد أن بعض المطورين باعوا وحدات بسعر 20 ألف جنيه للمتر، بينما تبلغ التكلفة الحقيقية حاليًا 40 ألف جنيه، وهو ما أدى إلى فجوة تمويلية ضخمة يصعب تغطيتها، لا سيما أن القانون لا يسمح للمطورين بفرض زيادات على العملاء بعد التعاقد.
خروج بعض الشركات من السوق العقاري
وتوقع البستاني أن تؤدي هذه الأزمة إلى خروج بعض الشركات من السوق العقاري خلال الفترة المقبلة، خصوصًا الشركات التي لا تمتلك محفظة مشروعات قوية أو ملاءة مالية كافية تُمكِّنها من تعويض خسائرها من مشروعات أخرى.
واختتم البستاني تصريحاته بالتأكيد على أهمية أن يتوخى العميل الحذر، وأن يتجه إلى الشركات التي تمتلك نظام إدارة واضح، وخدمة ما بعد البيع، وصيانة وتسليمات مثبتة، خاصة إذا كان يتعامل في مشروعات تجارية أو إدارية، لأن طبيعة تلك الأصول تحتاج إلى مطور ذي خبرة وشبكة خدمات متكاملة لضمان استدامة القيمة الاستثمارية.