جلس وزير الإسكان محاطًا بخريطة تمتد من البحر إلى الصحراء، ومن المدن القديمة إلى المجتمعات العمرانية الجديدة. لم تكن خريطة جغرافية فحسب، بل خريطة لمستقبل مختلف… مستقبل أكثر خُضرة، أقل هدرًا، وأكثر عدالة للأجيال القادمة.
استراتيجية البناء الأخضر على طاولة وزير الإسكان
بين أروقة الوزارة، كانت لغة الأرقام والمؤشرات تفسح المجال لحوار من نوع جديد؛ حوار يتحدث عن مدن تتنفس هواءً نقيًا، ومبانٍ تُصمم لتوفير الطاقة بدلًا من استنزافها، وعن شراكة بين الإنسان والمكان تقوم على الاستدامة لا الاستهلاك.
اجتماع موسّع عُقد بين قيادات الدولة وخبرائها، لمتابعة ملامح الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء الأخضر والمستدام. لم يكن مجرد اجتماع إداري، بل جلسة تأسيس لرؤية تنموية جادة، تراهن على أن العمران لا يعني فقط “البناء”، بل كيف يكون البناء ذكيًا، أخلاقيًا، صديقًا للبيئة، وقادرًا على الصمود في وجه تحديات المناخ والموارد.
خطوات نحو تنمية عمرانية مستدامة
وفي مستهل الاجتماع، تم استعراض التقدم المُحرز في تنفيذ الاستراتيجية، ومناقشة المهام الموكلة للجهات الشريكة لضمان التحول نحو أنماط عمرانية مستدامة تعتمد على كفاءة استخدام الموارد، وتحقيق جودة حياة أعلى للمواطنين.
وأكد وزير الإسكان أن هذه الاستراتيجية تُعد أحد الأعمدة الرئيسية لتحقيق رؤية الدولة في التنمية المستدامة، مشددًا على أهمية إعداد خطة تنفيذية شاملة تتضمن الأطر الفنية والتشريعية والتنظيمية اللازمة، بما يضمن سرعة التطبيق وتوسيع نطاق العمل بها في مختلف المدن والمجتمعات العمرانية.
كما تناول الاجتماع الأهداف الجوهرية لمنظومة البناء الأخضر، وعلى رأسها: دعم المشروعات العقارية الصديقة للبيئة وتحويلها إلى رافد اقتصادي أساسي، وتوسيع آليات التمويل الأخضر، ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والمياه والموارد، إلى جانب نشر ثقافة الاستدامة والحوكمة وبناء مدن قادرة على التكيّف مع التحديات البيئية المستقبلية.
واستُعرضت خلال الاجتماع حزمة الحوافز التشجيعية التي ستُمنح للمطورين العقاريين والمواطنين، والتي تم تصميمها بناء على نماذج وتجارب دولية ومحلية. وتشمل هذه الحوافز إعفاءات وتخفيضات ضريبية، وتسهيلات تمويل، فضلًا عن إجراءات مبسطة وأولوية في تخصيص الأراضي، ومنح شهادات اعتماد بيئي.
كما تم تحديد نوعية المشروعات المستهدفة للاستفادة من تلك الحوافز، وتشمل مشروعات القطاع الخاص للتنمية المتكاملة، والمباني الحكومية، والمباني السكنية الجديدة، وكذلك تطوير المشروعات القائمة، والمباني السكنية الحالية للأفراد.
وفي ختام الاجتماع، وجه الوزير فرق العمل المختصة بإعداد خطة تفصيلية وآلية متابعة دقيقة تشمل جدولًا زمنيًا وخطوات تنفيذية واضحة، تمهيدًا للإعلان الرسمي عن ملامح الاستراتيجية، وموعد بدء التطبيق الفعلي، مع تنظيم ورش عمل فنية بالتنسيق مع الجهات المعنية.