أعلنت وزارة السياحة والآثار عن كشف أثري جديد يُسلّط الضوء على واحدة من أهم الفترات الانتقالية في التاريخ المصري القديم، حيث تم العثور على ثلاث مقابر منحوتة في الصخر ترجع لعصر الدولة القديمة.
دلالات تاريخية عميقة
وقد صرّح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن الكشف الجديد لا يقتصر على قيمته الأثرية، بل يحمل دلالات تاريخية عميقة، حيث تبيّن من الدراسات الأولية أن بعض هذه المقابر قد أُعيد استخدامها خلال عصر الدولة الوسطى، ما يعكس استمرار استخدام جبانة قبة الهوا كموقع دفن لأجيال متعددة، ويؤكد أهميتها التاريخية والدينية لدى المصريين القدماء.
وأضاف الدكتور خالد أن هذا الاكتشاف يُعتبر إضافة علمية مهمة، خاصة وأنه يُلقي الضوء على فترة حسّاسة من تاريخ مصر، وهي المرحلة التي أعقبت نهاية الدولة القديمة وبداية عصر الانتقال الأول. وقد كشفت الدراسات أن المقابر المنقوشة في تلك الفترة جاءت خالية من الزخارف والنقوش، لكنها احتفظت بعناصرها المعمارية وطقوس الدفن التقليدية، في مؤشر واضح على التغيرات الاقتصادية التي أثّرت على المجتمع المصري آنذاك.
توابيت خشبية متهالكة
وعن تفاصيل الكشف، أوضح الأستاذ محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، أن المقبرة الأولى جاءت خالية من النقوش، وتضم فناءً خارجيًا عُثر بداخله على بابين وهميين، ومائدتين للقرابين، وعدد من الأواني الفخارية، بالإضافة إلى توابيت في حالة متدهورة من الحفظ، وهياكل عظمية.
كما اكتُشف في الفناء بئر دفن يحتوي على توابيت خشبية متهالكة بداخلها هياكل عظمية وأوانٍ فخارية، بعضها يحمل نقوشًا هيراطيقية ترجع إلى عصر الدولة القديمة.
الأواني الفخارية
أما المقبرة الثانية، فتم العثور عليها غرب الأولى، وهي أيضًا تخلو من النقوش، وقد ضمّت مائدتين للقرابين وعددًا من الأواني الفخارية التي تعود لعصر الدولة الوسطى.
وبالنظر إلى تصميمها المعماري، يُرجّح أنها أُنشئت في أواخر الدولة القديمة أو بداية عصر الانتقال الأول، ثم أُعيد استخدامها في فترات لاحقة.
خالية من النقوش
وتأتي المقبرة الثالثة بتصميم مختلف عن سابقتيها، وتقع إلى الغرب من مقبرة “كا-كم” التي تنتمي لعصر الدولة الحديثة.
وقد جاءت هذه المقبرة أيضًا خالية من النقوش، لكن عُثر بداخلها على كمية كبيرة من الفخار في حالة جيدة من الحفظ، إلى جانب هياكل عظمية، من بينها رفات أطفال، وتشير الأدلة إلى أنها تعود لعصر الدولة القديمة.
هذا الكشف، بحسب وزارة السياحة والآثار، يُعزز من المكانة الاستثنائية لجبانة قبة الهوا، التي تُعد من أبرز مواقع الدفن في جنوب مصر، حيث تُسهم هذه الاكتشافات في رسم صورة أكثر وضوحًا لتسلسل العصور المصرية القديمة، وتساعد في فهم طبيعة العمارة الجنائزية وطقوس الدفن التي مرت بتغيرات عبر الحقب التاريخية، لا سيما في الفترات الانتقالية التي كثيرًا ما تكون غامضة في السجل الأثري.