أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن اللحظة التاريخية الفارقة التي شهدت التوصل إلى اتفاق شرم الشيخ وإنهاء الحرب في غزة تمثل بارقة أمل لفتح صفحة جديدة من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ومنح شعوب المنطقة التي أنهكتها الصراعات فرصة لغدٍ أفضل.
عهد جديد من السلام
وقال الرئيس السيسي في كلمته خلال قمة شرم الشيخ للسلام: “في هذه اللحظة التاريخية الفارقة التي شهدنا فيها معاً التوصل لاتفاق شرم الشيخ وإنهاء الحرب في غزة، وميلاد بارقة الأمل في أن يُغلق هذا الاتفاق صفحة أليمة في تاريخ البشرية ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وبما يمنح شعوب المنطقة التي أنهكتها الصراعات غداً أفضل، أستقبل اليوم القيادة الشجاعة المحبة للسلام، التي ساهمت جهودها في إنهاء الصراع وتحقيق الأمن والتنمية في منطقتنا، بل وفي العالم أجمع”.
وأضاف الرئيس السيسي: “اسمحوا لي أن أعرب عن تقديري البالغ لكم ولقيادتكم الحكيمة لتلك المسيرة في ظل ظرف بالغ الدقة، بما انعكس في طرح خطتكم لإنهاء هذه الحرب المأساوية التي خسرت معها الإنسانية الكثير، وأود أن أشكر شركاءنا في الولايات المتحدة وتركيا وقطر على جهودهم المخلصة، وأعيد التأكيد على دعمنا وتطلعنا لتنفيذ هذه الخطة بما يخلق الأفق السياسي اللازم لتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في طي صفحة الصراع والعيش بأمان”.
القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب
وتوجه الرئيس السيسي بخطابه إلى نظيره الأمريكي دونالد ترامب قائلاً: “لقد أثبتم فخامة الرئيس أن القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب وإنما في القدرة على إنهائها، ونحن على ثقة في قيادتكم في تنفيذ الاتفاق الحالي وخطتكم بكافة مراحلها”.
وتابع الرئيس السيسي قائلاً: “فخامة الرئيس، فلتكن حرب غزة آخر الحروب في الشرق الأوسط، لقد دشنت مصر مسار السلام في الشرق الأوسط قبل ما يقارب نصف قرن، وتحديداً في نوفمبر عام 1977، عندما أقدم الرئيس أنور السادات – رحمه الله – بخطى ثابتة غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، وبادر بزيارة تاريخية إلى القدس، ومنذ تلك اللحظة أطلقت مصر عهداً جديداً، عهد الأجيال اللاحقة فرصة للحياة، وأثبت أن أمن الشعوب لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط.
شبح الحرب
وواصل، اليوم تعيد مصر التأكيد ومعها شقيقاتها العربية والإسلامية على أن السلام يظل خيارنا الاستراتيجي، وأن التجربة أثبتت على مدار العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن أن يتأسس إلا على العدالة والمساواة في الحقوق”.
وأضاف الرئيس السيسي: “من هذا المنطلق، وإذا كانت شعوب المنطقة تنعم جميعها بحقها في دولها الوطنية المستقلة، فإن الشعب الفلسطيني ليس استثناء، فهو أيضاً له الحق في أن يقرر مصيره، وأن يتطلع إلى مستقبل لا يخيم عليه شبح الحرب، وأن ينعم بالحرية والعيش في دولته المستقلة، دولة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن واعتراف متبادل”.
نداء إلى شعب إسرائيل
وأكد الرئيس السيسي أن “السلام لا تبنيه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تتيقن أن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد”، مضيفاً: “أغتنم هذه المناسبة لأتوجه بنداء إلى شعب إسرائيل وأقول: فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي، ودعونا نتطلع سوياً إلى مستقبل أفضل لأبناء بلادنا، معا مدوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة”.
وأكمل الرئيس السيسي قائلاً: “فخامة الرئيس ترامب، علينا أن نتوقف عند مشاهد الارتياح والسعادة التي عمت سواء في شوارع غزة أو في الشارع الإسرائيلي أو في العالم كله على حد سواء عقب التوصل لاتفاق إنهاء الحرب بفضل مبادرتكم الحكيمة، التي تمثل دليلاً آخر على أن السلام هو الخيار المشترك للشعوب.
إعادة إعمار القطاع
وأقدر لكم اهتمامكم باستعادة الحياة في غزة، وستعمل مصر مع الولايات المتحدة وبالتنسيق مع كافة الشركاء خلال الأيام المقبلة على وضع الأسس المشتركة للمضي قدماً في إعادة إعمار القطاع دون إبطاء”.
وأضاف الرئيس السيسي: “نعتزم في هذا السياق استضافة مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية، الذي سيبني على خطتكم لإنهاء الحرب في غزة، وذلك في سبيل توفير سبل الحياة للفلسطينيين على أرضهم ومنحهم الأمل، فالسلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار”.
تجسيد التعاون المشترك
وتابع الرئيس السيسي: “أصحاب الفخامة والسمو، إننا نستشرف مستقبلاً مشرقاً لمنطقتنا تُبنى مدنه بالأمل بدلاً من أن تُدفن ذكريات أصحابها تحت الأنقاض، فأمامنا فرصة تاريخية فريدة، ربما تكون الأخيرة، للوصول إلى شرق أوسط خالٍ من كل ما يهدد استقراره وتقدمه، شرق أوسط تنعم فيه جميع الشعوب بالسلام والعيش الكريم ضمن حدود آمنة وحقوق مصانة، شرق أوسط منيع ضد الإرهاب والتطرف، شرق أوسط خالٍ من جميع أسلحة الدمار الشامل، هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي تتطلع مصر إلى تجسيده بالتعاون مع شركائها إقليميًا ودوليًا”.
واختتم الرئيس السيسي كلمته قائلاً: “إن اتفاق اليوم يمهد الطريق لذلك، ويتعين تثبيته وتنفيذ كافة مراحله، والوصول إلى تنفيذ حل الدولتين، ونحو بناء رؤيتنا المشتركة في تجسيد التعاون المشترك بين شعوب المنطقة والتكامل بين جميع دولها، وأعلن أمام الحضور الكريم قرار مصر إهداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قلادة النيل، الأرفع والأعظم شأناً وقدراً بين الأوسمة المصرية، والتي تُمنح لرؤساء الدول ولمن يقدمون خدمات جليلة للإنسانية”.