يركّز مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء على مراقبة وتحليل ما تصدره مراكز الفكر الدولية ووسائل الإعلام الكبرى حول الأوضاع الاقتصادية العالمية والإقليمية، وخاصة ما يتعلق بالتأثيرات على مصر، من خلال دراسات دقيقة تراعي التوجهات والآراء المختلفة.
كواليس رحلة التجارة العالمية
من أبرز ما تم رصده مؤخرًا مجلتقارير دولية من وكالة فيتش، بلومبرغ، البنك الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، التي توثّق مرحلة تقلب كبيرة في التجارة العالمية خلال عام 2025 نتيجة تزايد الحمائية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وتحول التحالفات التجارية.
وكشف تقرير وكالة فيتش الصادر في 10 يوليو عن استمرار الحكومات في فرض قيود جديدة على التجارة والاستثمار بهدف حماية صناعاتها المحلية، إلى جانب توجيه مساعدات مالية لإعادة توطين الصناعات الاستراتيجية، بينما بدأت تخفيفات تدريجية في بعض القطاعات الاستهلاكية لدعم الدول الحليفة .
معلومات الوزراء
وأظهرت فيتش أن 75% من 12 إجراء سياسي كبير إعلانها في الأسبوع الأول من يوليو كانت تقييدية للتجارة، وأبرزها الولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي . واستعمالت الولايات المتحدة السياسة الثنائية، فخفضت قيود تصدير أشباه الموصلات للصين، لكنها فرضت رسوماً جديدة بنسبة 35–50% على منتجات من كندا والبرازيل ودول آسيوية وأوروبية .
كما لفت تقرير فايننشال تايمز (9 يوليو) إلى فرض واشنطن رسوماً بنسبة 50% على السلع البرازيلية، مما تسبب بانهيار الريال البرازيلي، وردّ الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالتهديد باتخاذ إجراءات مماثلة قانونيًا .
في الهند، أعلنت نيودلهي تعليق بعض التنازلات بموجب منظمة التجارة العالمية في مواجهة شروط أمريكية على صادرات السيارات، ما يشير إلى تصاعد المواجهة التجارية .
على الجانب الاقتصادي، رأت الإيكونوميست (9 يوليو) أن تهديدات الرسوم الأميركية لم تُحدث ارتدادات فورية في الأسواق، مع بقاء النمو العالمي تحت الضغط نتيجة ارتفاع متوسط الرسوم الجمركية إلى 10% مقارنة بـ2.5% العام الماضي، وقد يصل إلى 17%. رغم المكاسب الأولية، اقتصاد الولايات المتحدة بدأ يتراجع، مع أبطأ نمو واستهلاك، وتضخم محتمل أعلى مع نفاد الواردات المؤجلة .
أما البنك الدولي فقد أكد أن نمو التجارة العالمية سيهبط من 3.4% في 2024 إلى 1.8% في 2025، بسبب زيادة الرسوم، واضطرابات سلاسل التوريد، والضبابية السياسية المضرة بالاستثمار .
وتكاثفت التوجهات نفسها في تقديرات الأونكتاد، حيث سجل نمو عالمي متواضع للتجارة (1.5% ربع سنوي و3.5% سنوي في الربع الأول)، مع احتمال استمرار هذا الأداء في الربع الثاني (~2%)، رغم التحديات السياسية واللوجستية . لكن استمرار ذلك يعتمد على استقرار التحالفات التجارية وقدرة الاقتصادات على التكيّف مع التحديات الجيوسياسية وسلاسل التوريد.
تُجسّد هذه التقارير الدولية أن التجارة العالمية تمر بمنعطف حاسم بين نموذج النظام التجاري متعدد الأطراف ونسق جديد مبني على صفقات ثنائية، حمائية، وتنافسية. العواقب ليست مجرد تباطؤ، بل قد تعيد تشكيل خرائط التجارة العالمية وتتطلب إعادة قراءة للتحالفات والاستراتيجيات الدولية.