أكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، أن التأثير الحقيقي لمجموعة “بريكس” يكمن في قدرتها على خلق المساحة والرؤية اللازمتين لتحقيق المصالح المشتركة بين الدول الأعضاء في مجالات متعددة، وهو ما يلبي في النهاية تطلعات الشعوب نحو مستقبل مزدهر.
توقيت بالغ الدقة
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لقمة مجموعة “بريكس” السابعة عشرة، التي عُقدت بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، تحت عنوان “السلام والأمن وإصلاح الحوكمة العالمية”، حيث ألقى مدبولي كلمته نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، الذي تغيب عن القمة لارتباط يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط.
وأكد مدبولي أن انعقاد القمة يأتي في توقيت بالغ الدقة، في ظل أزمات وتحديات متعددة ومتشابكة، أبرزها التوترات الجيوسياسية، وتهديدات السلام والأمن، والنكسات الاقتصادية غير المسبوقة، إلى جانب تصاعد الإجراءات الحمائية التجارية، وارتفاع مستويات الديون العالمية، وتغير المناخ، فضلًا عن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
الحرب الإسرائيلية
وقال رئيس الوزراء إن الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة تمثل أخطر أزمات العصر، مشيرًا إلى أنها مستمرة منذ ما يقرب من عامين، وأدت إلى استشهاد أكثر من 55 ألف مدني فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، إلى جانب إصابة نحو 125 ألفًا آخرين.
وأضاف أن هذه المأساة هي نتيجة لانتهاكات إسرائيل المتكررة للقانونين الدولي والإنساني، إلى جانب استمرار الاستيطان والانتهاكات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وأوضح مدبولي أن مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، بذلت جهودًا مكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تم التوافق عليه في 15 يناير الماضي، غير أن استمرار العدوان الإسرائيلي شكل خرقًا واضحًا لهذا الاتفاق، داعيًا إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وضرورة التزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي، وضمان حماية المدنيين.
تهجير سكان غزة
وشدد رئيس الوزراء على رفض مصر القاطع لأي خطط تهدف إلى تهجير أو نقل سكان غزة خارج أراضيهم، معتبرًا أن مثل هذه المقترحات تمثل تهديدًا خطيرًا لحل الدولتين وللسلام الإقليمي.
وأشار إلى أن الخطة العربية-الإسلامية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة تؤكد إمكانية تنفيذ عملية الإعمار مع بقاء الفلسطينيين في وطنهم، داعيًا دول مجموعة “بريكس” إلى دعم هذه الخطة، والمشاركة في المؤتمر الدولي المزمع عقده لإعادة الإعمار، عقب التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف مدبولي أن العدوان الإسرائيلي امتد ليشمل لبنان وسوريا، وصولًا إلى إيران، ما يمثل تصعيدًا إقليميًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين، مشددًا على ضرورة تسوية الصراعات بالطرق الدبلوماسية.
تسريع التعاون المشترك
وفيما يخص التعاون داخل مجموعة “بريكس”، أكد رئيس الوزراء أن دور المجموعة يزداد أهمية في ظل الأزمات الراهنة، مشيرًا إلى أولويات مصر في تسريع التعاون المشترك عبر تنفيذ مشروعات في مجالات الطاقة، والتصنيع، والبنية التحتية، والتقنيات الناشئة، وخاصة الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن مصر تولي أهمية كبرى لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين الدول الأعضاء، بما يشمل التنسيق بين البنوك المركزية، وتمكين التسويات المالية بالعملات المحلية، والتوسع في التمويل عبر بنك التنمية الجديد بعملات غير الدولار.
واعتبر مدبولي أن توفير التمويل الميسّر ونقل التكنولوجيا للدول النامية هو شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، مؤكدًا ضرورة إصلاح آليات الدين الدولي وتحسين النظام المالي العالمي بما يتناسب مع احتياجات الدول النامية.
وختم رئيس الوزراء كلمته بالتشديد على أهمية تحسين الحوكمة الاقتصادية العالمية، وزيادة مشاركة الدول النامية في عملية صنع القرار، بما يعزز العدالة والشفافية في النظام الدولي.