أصدر مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية تقريرًا تحليليًا جديدًا تناول اتجاهات وتحليلات الصحافة الإيرانية بشأن مستقبل العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وذلك في أعقاب وقف إطلاق النار الأخير الذي أعقب اثني عشر يومًا من المواجهات العسكرية المباشرة بين الطرفين.
وأوضح التقرير، الذي أعده د. محمد حسن الزيبق، أستاذ الدراسات الإيرانية بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، أن الخطاب الإيراني، كما تعكسه مقالات صحف مثل شرق، تعادل، وسازندگي، يُظهر تباينًا واضحًا في الرؤى حول ما إذا كانت هذه المرحلة تمثل بداية تحول استراتيجي في العلاقة مع واشنطن، أم مجرد توقف مؤقت في دورة صراع مستمرة.
وأشار محمد حسن الزيبق في تحليله إلى أن دخول الولايات المتحدة في العمليات العسكرية بشكل مباشر مثل تحولًا نوعيًا في الموقف الأمريكي، خصوصًا بعد تهديدات متكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتبريره للهجمات الإسرائيلية على إيران بأنها جاءت عقب انتهاء مهلة الستين يومًا التي مُنحت لطهران دون اتفاق. وأكد التقرير أن إيران تنظر إلى وقف إطلاق النار الحالي على أنه فرض إيراني على القوى الكبرى، وليس تنازلًا من موقع ضعف.
رؤيتان متباينتان حول وقف إطلاق النار
ورصد التقرير وجود انقسام واضح في التحليلات الإيرانية بشأن طبيعة وقف إطلاق النار، إذ يرى فريق من المحللين أنه اتفاق شامل تم التوصل إليه بالفعل، ويجري التحضير لتطبيقه. فيما يعتبره آخرون مجرد هدنة مؤقتة قد تمهّد لمفاوضات لاحقة دون ضمانات حقيقية لاستمراريته.
سيناريوهات مستقبلية للعلاقة بين طهران وواشنطن
وتناول التقرير ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العلاقة بين البلدين:
العودة إلى تفاهم مرحلي: إذا قدمت واشنطن حوافز ملموسة، كرفع جزئي للعقوبات، قد يُستأنف المسار التفاوضي وفق شروط جديدة لا ترقى إلى شمول الاتفاق النووي السابق (برجام).
استمرار المواجهة الرمزية: في حال تمسك كل طرف بمواقفه، من المرجح استمرار حالة “اللاسلم واللاحرب”، مع توترات متقطعة ومواجهات غير مباشرة في ملفات إقليمية كالعراق وسوريا ولبنان.
تفاهم شامل في إطار ترتيب إقليمي جديد: يتطلب هذا السيناريو تغييرًا جوهريًا في المواقف، يشمل اعترافًا أمريكيًا بالدور الإقليمي الإيراني، مقابل التزامات نووية وأمنية محددة.
تساؤلات مفتوحة
واختتم التقرير بالتأكيد على أن المرحلة القادمة ستتوقف على عدة مؤشرات مفصلية، أبرزها:
هل سيتحول وقف إطلاق النار إلى اتفاق دائم؟
وهل ستُقدِم الولايات المتحدة على تقديم حوافز اقتصادية وأمنية ملموسة لطهران؟
أم أن الجمود سيستمر إلى حين ظهور إدارة أمريكية جديدة أو تحول مفاجئ في التوازنات الإقليمية؟