يدخل التعاون العسكري بين تركيا وسوريا مرحلة متقدمة، بعد إعلان وزارة الدفاع التركية السماح لعناصر من الجيش السوري باستخدام ثكنات عسكرية تركية للتدريب، في خطوة وُصفت بأنها الأوسع منذ استئناف الاتصالات بين البلدين، وتهدف إلى تعزيز القدرات القتالية للقوات السورية، وفق ما نقلته قناة سكاي نيوز عربية.
وأكدت وزارة الدفاع التركية في بيان رسمي أن برامج تطوير القدرات العسكرية السورية تُنفّذ ضمن إطار اتفاق التعاون الموقع بين أنقرة ودمشق، وتشمل التدريب المشترك وتبادل الزيارات وتقديم الدعم الفني. وأوضحت أن وحدات محددة من الجيش السوري بدأت بالفعل التدريبات داخل الأراضي التركية، فيما التحق 49 طالبًا سوريًا بالأكاديميات العسكرية التركية ضمن برنامج طويل الأمد لتأهيل الضباط.
من التفاهمات السياسية إلى التطبيق العملي
قال الخبير في الشؤون العسكرية والأمنية ضياء قدور، في حديثه لبرنامج غرفة الأخبار على قناة سكاي نيوز عربية، إن هذه الخطوة تمثل التطور الأكثر واقعية منذ بدء التقارب بين دمشق وأنقرة، معتبرًا أنها تجسد ترجمة مباشرة للتفاهمات السياسية والأمنية السابقة، خصوصًا اتفاقية التعاون العسكري الموقعة في أغسطس الماضي، التي جاءت بعد سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين أمنيين واستخباراتيين في العاصمة التركية.
وأوضح قدور أن المرحلة الحالية تمثل انتقالًا من التفاهمات اللفظية إلى التنفيذ الميداني، مشيرًا إلى أن تدريب الضباط السوريين في الكليات الحربية التركية يعد بداية اندماج عسكري فعلي بين البلدين، وليس مجرد تعاون تدريبي محدود.
وبيّن أن أغلب المتدربين السوريين ينتمون إلى سلاح الجو، الذي يُعد القطاع الأضعف في بنية الجيش السوري بسبب “الاستباحة شبه الكاملة للأجواء السورية من قبل الطيران الإسرائيلي”، على حد قوله، مؤكدًا أن الهدف من هذه الخطوة هو إعادة توازن القوة داخل سوريا وفرض معادلات ردع جديدة في المنطقة.
بين الاندماج والتبعية
وأشار قدور إلى أن العلاقة العسكرية الجديدة بين أنقرة ودمشق “دقيقة وحساسة”، إذ تفصلها “شعرة بسيطة بين الاندماج العسكري والتبعية”، لافتًا إلى أن الهدف الرئيسي هو بناء جيش سوري موحد ومركزي قادر على بسط سيطرته على كامل الأراضي السورية، ضمن ما وصفه بـ”تحالف دفاعي لمواجهة التهديدات المشتركة”.
وأوضح الباحث أن التعاون يتركز على مراقبة الحدود ومكافحة التنظيمات العابرة للحدود والميليشيات التي تصفها أنقرة بـ”الانفصالية”، محذرًا في الوقت نفسه من أن هذا التعاون قد ينعكس على العقيدة العسكرية المستقبلية للجيش السوري، خصوصًا في تحديد الأعداء المحتملين وتعزيز التوجه المناهض للجماعات الكردية التي تسعى لتأسيس كيانات انفصالية شمال البلاد.
وأضاف أن تركيا تُعد قوة إقليمية وليست عالمية، بينما تحافظ دمشق على علاقاتها العسكرية مع موسكو ودول أخرى، في إطار سعيها لبناء جيش وطني متكامل يستفيد من الخبرات الإقليمية والدولية.
انعكاسات محتملة على شمال شرق سوريا
ويرى قدور أن هذا التعاون العسكري لن يكون مرحبًا به في شمال شرق سوريا، في إشارة إلى الجماعات الساعية لإقامة كيان مستقل، مشيرًا إلى أن تعزيز قدرات الجيش السوري الدفاعية والهجومية بدعم تركي، خصوصًا في مجالات الدفاع الجوي والطائرات المسيّرة وأنظمة الصواريخ، سيُحدث واقعًا ميدانيًا جديدًا ويزيد الضغط على قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأوضح أن هذه التطورات تضع “قسد” أمام خيارين: إما الالتزام باتفاق 10 مارس الموقع مع الحكومة السورية، والذي ينص على تشكيل ثلاث فرق عسكرية تابعة للجيش السوري في الشمال الشرقي، أو مواجهة تصعيد عسكري قد يجر المنطقة إلى جولة جديدة من التوتر.

 
									 
					
