رغم تراكم المستحقات المالية، تواصل مصر ضخ الكهرباء إلى ليبيا دون انقطاع، في خطوة تعكس التزام القاهرة بدورها الإقليمي واستراتيجيتها لترسيخ موقعها كمركز محوري للطاقة في شمال أفريقيا.
تعاون ممتد منذ عقود
العلاقة الكهربائية بين القاهرة وطرابلس ليست وليدة اليوم. فمنذ تدشين خط الربط الكهربائي عام 1998 بجهد 220 كيلوفولت، تحوّل المشروع إلى أحد أهم روافد التعاون الثنائي بين البلدين.
ومع تفاقم أزمة الكهرباء في ليبيا عام 2020، استجابت مصر لطلب رسمي بزيادة الإمدادات بنسبة 50% لتصل إلى نحو 150 ميجاوات، دعماً لاستقرار الشبكة الليبية التي عانت من ضعف الإنتاج الداخلي.
متأخرات تتجاوز 200 مليون دولار
بحسب بيانات صادرة عن «اقتصاد الشرق بلومبرغ»، بلغت ديون ليبيا لصالح مصر نحو 200 مليون دولار حتى نهاية يوليو 2025، أي ما يعادل أكثر من 60% من إجمالي المتأخرات المستحقة على الدول المرتبطة بالشبكة المصرية (الأردن والسودان وليبيا).
وترجع هذه المتأخرات إلى ظروف سياسية واقتصادية معقدة داخل ليبيا منذ عام 2023، أثّرت على انتظام السداد، فيما واصلت القاهرة التوريد دون توقف.
تفاهمات وجدولة
مصادر حكومية مصرية أكدت أن الجانب الليبي ملتزم بسداد الديون وفق جدول زمني متفق عليه، مع استمرار التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والربط الإقليمي.
ويأتي ذلك ضمن توجه مصري أوسع لتوسيع نطاق شبكات الربط الكهربائي في المنطقة، بما يرسخ التكامل الاقتصادي بين دول الجوار.
شبكة نفوذ إقليمية
ليبيا تُعد أحد المستفيدين الرئيسيين من الشبكة الإقليمية التي تربط مصر بكل من الأردن والسودان، فيما تمضي القاهرة في تنفيذ مشروعات الربط مع السعودية واليونان وإيطاليا، لنقل فائض إنتاجها من الطاقة النظيفة إلى الخارج.
كما تخطط مصر لرفع قدرتها التصديرية إلى ليبيا لتصل إلى 2000 ميجاوات خلال المرحلة المقبلة، في إطار مشروع شامل لربط دول شمال أفريقيا كهربائيًا.
مصر.. مركز الطاقة في الشمال الأفريقي
ورغم تراكم الديون، فإن استمرار تدفق الكهرباء من القاهرة إلى طرابلس يعبّر عن رؤية استراتيجية مصرية تسعى لتثبيت حضورها كقوة طاقة إقليمية، توازن بين المصالح الاقتصادية والتزاماتها تجاه استقرار محيطها العربي والأفريقي.


