أعلنت مصادر حكومية مصرية، يوم الخميس 4 سبتمبر 2025، عن نية 40 شركة روسية استهداف الاستثمار في مصر في قطاعات حيوية تشمل الصناعات الثقيلة، الطاقة، النقل، والصناعات الغذائية. تأتي هذه الخطوة في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وموسكو، خاصة مع استمرار مشروع المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والذي يُعد أحد أبرز المشروعات المشتركة بين البلدين.
تفاصيل الاستثمارات الروسية
وفقًا لتقارير صادرة عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (GAFI)، فإن هذه الشركات تهدف إلى ضخ استثمارات جديدة في إطار المنطقة الصناعية الروسية (RIZ) بشرق بورسعيد ومنطقة العين السخنة، والتي تمتد على مساحة 5.25 مليون متر مربع. يُتوقع أن تجذب المنطقة استثمارات تصل إلى 7 مليارات دولار، مع تخصيص 190 مليون دولار لتطوير البنية التحتية في المرحلة الأولى، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف عام 2019.
تشمل القطاعات المستهدفة:
-
الصناعات الثقيلة: مثل صناعة الصلب، حيث أبدت شركة “نوفوستال إم” الروسية رغبتها في إنشاء مصنع للصلب وتزويد المعادن لمشروعات مصرية، بالإضافة إلى إنشاء بنية تحتية لمستودعات غذائية.
-
الطاقة: استمرار التعاون في مشروع محطة الضبعة النووية، التي تبنيها شركة “روس أتوم” الروسية بتمويل روسي يصل إلى 25 مليار دولار، لتوليد أكثر من 10% من إجمالي الكهرباء في مصر.
-
النقل: توفير 1300 عربة قطار من شركة “ترانس ماش هولدينغ” الروسية، واستثمارات بقيمة 900 مليون دولار في السكك الحديدية من شركة “RZHD” الروسية.
-
الصناعات الغذائية: إنشاء محطة للزيوت والدهون من قبل مجموعة “EFKO” الروسية، مع خطط لتصدير المنتجات إلى الأسواق الإفريقية.
سياق العلاقات الاقتصادية
تشهد العلاقات المصرية الروسية زخمًا متزايدًا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 4.8 مليار دولار في 2021، مع توقعات بزيادة إلى 10 مليارات دولار بنهاية 2025، وفقًا لتقديرات ميخائيل أورلوف، رئيس مجلس الأعمال المصري الروسي. وتُعد مصر أكبر شريك تجاري لروسيا في إفريقيا، حيث تمثل أكثر من 30% من التجارة الروسية مع القارة.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في يونيو 2022، على أهمية التعاون مع روسيا في مشروعات كبرى مثل الضبعة والمنطقة الصناعية، مشيرًا إلى أن مصر تسعى لتكون مركزًا إقليميًا للطاقة والصناعة. كما أشار وزير الصناعة المصري أحمد سمير إلى أن هذه الاستثمارات ستعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتدعم تصدير المنتجات المصرية إلى الأسواق العالمية عبر المنطقة الصناعية الروسية.
تحديات وفرص
رغم التقدم، تواجه الاستثمارات الروسية تحديات مثل تأخير تنفيذ بعض مراحل المنطقة الصناعية بسبب جائحة كورونا، والضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الدولية على روسيا بعد الحرب الأوكرانية. لكن مصر، التي حافظت على حيادها في الصراع، ترى فرصًا في استقطاب المزيد من الاستثمارات الروسية لتعويض تراجع الاستثمارات الغربية، خاصة مع تراجع الجنيه المصري بنسبة 50% منذ مارس 2022.
كما أعلنت مصر عن خطط لاستخدام نظام المقايضة في التجارة مع روسيا لتجنب الاعتماد على الدولار واليورو، مما يعزز مرونة التعاملات الاقتصادية بين البلدين. وتُعد المنطقة الصناعية الروسية بوابة للشركات الروسية للوصول إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية، مع شرط أن تستخدم 90% من القوى العاملة المصرية، مما يدعم استراتيجية “رؤية مصر 2030” لخلق مليون فرصة عمل.
توقعات المستقبل
من المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تعزيز الاقتصاد المصري، خاصة في ظل حاجة مصر إلى تمويل خارجي بقيمة 19 مليار دولار في 2023 و22.5 مليار دولار في 2024. ومع وجود 470 شركة روسية تعمل بالفعل في مصر باستثمارات بلغت 8 مليارات دولار حتى 2020، فإن الشركات الـ40 الجديدة قد تدفع هذا الرقم إلى مستويات أعلى، معززة مكانة مصر كوجهة استثمارية رئيسية في إفريقيا.