شهد قطاع الدواء في مصر تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، مدعومًا بحصول هيئة الدواء المصرية على شهادة النضج التنظيمي من المستوى الثالث (ML3) في مجالي الأدوية واللقاحات، ضمن تصنيف منظمة الصحة العالمية للهيئات الرقابية حول العالم. ويُعد هذا التصنيف إنجازًا نوعيًا يعكس كفاءة النظام الرقابي المصري، ويضعه في مصاف الدول المتقدمة في المجال الدوائي.
نمو متسارع في سوق الدواء المصري
يواصل سوق الدواء المصري تحقيق معدلات نمو قوية، حيث يُتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي المركب 15% خلال الفترة من 2023 وحتى 2028. وتشير الإحصاءات إلى أن حجم السوق المؤسسي وصل إلى 0.6 مليار عبوة بقيمة 94 مليار جنيه، بينما بلغ حجم السوق المحلي 2.9 مليار عبوة بقيمة 215 مليار جنيه.
وزير الصحة: إنجاز يعزز سمعة مصر الدولية
أكد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أن حصول مصر على هذا التصنيف يُعد شهادة عالمية على استقرار وتكامل النظام التنظيمي المصري للأدوية، واعترافًا بفاعلية المنظومة الصحية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف أن مصر هي أول دولة إفريقية تحصل على مستوى النضج الثالث في تنظيم الأدوية واللقاحات، مما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين، ويفتح أبوابًا جديدة أمام الصادرات الدوائية، ويدعم مكانة مصر كمركز إقليمي لإنتاج وتصدير الأدوية.
التعاون مع منظمة الصحة العالمية لتعزيز التغطية الصحية
من جانبه، أوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أن هذا الإنجاز يأتي تتويجًا للتعاون المستمر بين الحكومة المصرية ومنظمة الصحة العالمية لتحقيق أهداف التغطية الصحية الشاملة، والارتقاء بجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن.
وأشار إلى أن التصنيف جاء بعد تقييم شامل أجرته المنظمة باستخدام أداة “المقارنة المرجعية”، التي تضم أكثر من 260 مؤشرًا تنظيميًا، تشمل تراخيص المنتجات، مراقبة الجودة، تتبع الأسواق، والاستجابة للتهديدات الدوائية.
رئيس الهيئة: مصر في صدارة الدول العربية والإفريقية
بدوره، أوضح الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، أن حصول مصر على مستوى النضج الثالث يفتح المجال أمام استثمارات أجنبية كبرى، ويُعزز تنافسية الدواء المصري عالميًا، كما أنه يسهم في دعم جهود توطين صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية.
وأشار الغمراوي إلى أن مصر تُعد الآن أكبر سوق دوائي في الشرق الأوسط، بقيمة سوقية تتجاوز 309 مليار جنيه، وتضم أكثر من 12 ألف مستحضر دوائي، بإجمالي 3.5 مليار عبوة، ويتم إنتاجها عبر 179 مصنعًا للأدوية البشرية، و150 مصنعًا للمستلزمات الطبية، و130 مصنعًا لمستحضرات التجميل، و5 مصانع للمواد الخام، بإجمالي 2370 خط إنتاج.
مستقبل واعد لصادرات الدواء المصري
قال رئيس هيئة الدواء إن مصر صدّرت مستحضرات طبية بقيمة مليار دولار خلال العام المالي الماضي، وتطمح لمضاعفة هذا الرقم ليصل إلى 3 مليارات دولار بحلول 2030، ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الوجود المصري في الأسواق العالمية، حيث تُصدر مصر الأدوية حاليًا إلى أكثر من 147 دولة.
وأضاف أن الهيئة تعمل على توطين تصنيع الأدوية المتطورة، مثل أدوية الأورام والأنسولين، من أجل تعزيز الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الدوائي الوطني، بالتوازي مع دعم التعاون مع الشركاء الدوليين لنقل التكنولوجيا وتدريب الكوادر البشرية.
رقابة صارمة وتوفر شبه كامل للأدوية
أشار الغمراوي إلى أن أكثر من 95% من الأدوية متوفرة في السوق المصري حاليًا، مؤكدًا أن نظام تتبع الدواء ساهم في كشف الممارسات غير القانونية ومواجهة نقص الأدوية، عبر رصد مواقع العبوات وضبط السوق.
وأكد أن الحكومة المصرية تبذل جهودًا مستمرة لتوفير مخزون استراتيجي مستدام من الأدوية والمستلزمات الطبية، وضمان جودتها وتوفرها للمواطنين، عبر حملات تفتيشية مكثفة ومتابعة دقيقة لسلاسل الإنتاج والاستيراد.