طالب الدكتور مهندس محمد عبد الغني، مقرر لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي بالحوار الوطني، بضرورة تأسيس “مجلس أعلى للإيجارات” يتولى مسؤولية تنظيم العلاقة الإيجارية للوحدات السكنية، مؤكدًا أن الحق في السكن الكريم ليس رفاهية، بل هو حجر الزاوية الذي تُبنى عليه كرامة الأفراد واستقرار المجتمع.
وأوضح عبد الغني، في بيان له، أن فكرة المجلس المقترح، الذي دعا أن يكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء وله فروع في كافة المحافظات، لا تعد مجرد أداة تنظيمية، بل هي تجسيد لمبدأ العدالة الذي يضمن حماية الأسر، خاصة محدودة ومتوسطة الدخل، من التقلبات الجامحة للسوق، ويحول دون تحول السكن إلى سلعة خاضعة للمضاربة والاستغلال، مع ضمان عائد استثماري عادل ومناسب لأصحاب الوحدات في الوقت ذاته.
وفقًا لعبد الغني، يقوم جوهر المقترح على إحلال “التنظيم العادل” محل الفوضى التي تحكم السوق حاليًا، والتي غالبًا ما تميل لصالح الطرف الأقوى اقتصاديًا. وأضاف: “وستعتمد لجان المجلس المحلية، التي تضم خبراء تقييم عقاري وممثلين عن الضرائب العقارية، على “وعاء الضريبة العقارية” كأساس لتحديد قيمة إيجارية عادلة للوحدة السكنية، ووضع ضوابط واضحة للزيادات السنوية، بما يحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف في إطار قانوني سليم”.
وسلط عبد الغني الضوء على المفارقة الصارخة التي يعيشها المجتمع المصري، قائلًا: “بينما تكافح ملايين الأسر لتوفير مأوى لائق تحت وطأة إيجارات تلتهم دخولها، تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017 إلى وجود نحو 12 مليون وحدة سكنية مغلقة تمامًا”. واعتبر هذا الوضع لا يعبر فقط عن خلل اقتصادي، بل يمثل أزمة اجتماعية وأخلاقية تتطلب تدخلًا حاسمًا لضمان الاستغلال الأمثل لهذه الثروة العقارية المهدرة.
وأشار عبد الغني إلى أن هذه الفكرة ليست غريبة على النظم الاقتصادية العالمية، بل هي مطبقة بنجاح في دول رأسمالية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا، التي أدركت أن ترك ضرورة حياتية أساسية كالسكن لقوى العرض والطلب المطلقة يؤدي حتمًا إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية وتقويض الاستقرار المجتمعي.
كما أكد الدكتور مهندس محمد عبد الغني أن مستقبل الإيجار في مصر أكبر من أن يُترك للمصادفة، مشددًا على أن تنظيمه ليس مسألة فنية فحسب، بل هو خطوة جوهرية نحو تحقيق إدارة اقتصادية فعالة للموارد، وترسيخ العدالة الاجتماعية، وبناء مجتمع يشعر فيه الجميع بالكرامة والأمان، وتُحفظ فيه حقوق كافة الأطراف.