أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء تحليلًا جديدًا تناول من خلاله الاتجاهات العالمية لسوق الدواء، مستعرضًا أبرز التجارب الدولية، والسياسات الداعمة، والفرص المتاحة لتعزيز صناعة الدواء في مصر.
وأكد المركز أن قطاع الأدوية يُعد أحد أهم أركان منظومة الرعاية الصحية عالميًا، نظرًا لدوره الحيوي في إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة. ويشمل هذا القطاع المتكامل سلسلة تبدأ من البحث العلمي والتطوير، مرورًا بالإنتاج والتوزيع، ووصولًا إلى الاستخدام الآمن والفعال للدواء.
حجم السوق العالمي للدواء: أمريكا الشمالية تهيمن
بلغت قيمة سوق الدواء العالمي في عام 2023 نحو 1.4 تريليون دولار، وتصدرت أمريكا الشمالية المشهد بحصة بلغت 53.3%، تليها أوروبا، الصين، اليابان، وأمريكا اللاتينية. ومن المتوقع، وفقًا لتقديرات مؤسسة فيتش، أن ترتفع مبيعات الأدوية عالميًا إلى 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2025، مع استمرار الأسواق المتقدمة في السيطرة بنسبة 64% من إجمالي المبيعات.
الهند والمغرب والسعودية.. تجارب ملهمة للنهوض بالقطاع
استعرض التقرير تجارب ثلاث دول رائدة في تطوير قطاع الدواء:
-
المغرب: ثاني أكبر منتج دوائي في إفريقيا، يمتلك قدرة إنتاج سنوية تصل إلى 450 مليون وحدة، وبلغت صادراته من الدواء 158 مليون دولار عام 2023. وقد حظيت تجربته بإشادة من منظمة الصحة العالمية، خاصة بعد إطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل ودمج نظامي (AMO) و(RAMED) عام 2022.
-
الهند: المعروفة بـ”صيدلية العالم”، عززت قدراتها الصناعية عبر مبادرات حكومية وتمويلات ضخمة، خصصت منها 120 مليون دولار لدعم صناعة الأدوية في موازنة 2024/2025، و156.5 مليون دولار لتطوير البنية التحتية الدوائية، ما مكّنها من أن تصبح لاعبًا محوريًا عالميًا.
-
السعودية: الأكبر في سوق الأدوية بالشرق الأوسط، ويُتوقع أن ترتفع مبيعاتها من 11.9 مليار دولار في 2024 إلى 22.1 مليار دولار في 2034. ومن أبرز إنجازاتها افتتاح أول مصنع لإنتاج أدوية الأورام وتأسيس شركة “لايفيرا” لدعم صناعة الأدوية الحيوية.
مصر وسوق الدواء: طموحات واعدة وإصلاحات ملموسة
بحسب التقرير، يُتوقع أن ترتفع مبيعات الأدوية في مصر من 5.1 مليارات دولار في 2024 إلى 7.8 مليارات دولار بحلول 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.3%. كما سيشهد نصيب الفرد من الإنفاق الدوائي زيادة تدريجية من 44.6 دولارًا إلى 58.8 دولارًا.
وأبرز التحليل عددًا من السياسات الوطنية والمبادرات الداعمة، ومنها:
-
مدينة الدواء “جيبتو فارما”: أحد أهم المشاريع القومية لتوفير أدوية فعالة وآمنة وتعزيز الأمن الدوائي المحلي.
-
قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017: يوفر حوافز ضريبية للمستثمرين في قطاع الدواء بنسبة خصم 30% إلى 50% من التكلفة الاستثمارية.
-
التوسع في التصدير: بدء تصدير الأنسولين المصنع محليًا إلى كوبا، ما يمثل أول دخول لمصر إلى سوق الأدوية بأمريكا اللاتينية.
-
تمثيل إقليمي بارز: انضمام مصر لعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الإفريقية كممثل عن إقليم الساحل والصحراء.
الشرق الأوسط وإفريقيا: نمو متسارع
بحلول عام 2028، يُتوقع أن تصل قيمة سوق الدواء في الشرق الأوسط إلى 36 مليار دولار، وفي إفريقيا إلى 28 مليار دولار، ما يعكس فرصًا كبيرة أمام الدول النامية لتوسيع قدراتها الصناعية والتصديرية.
أكد التقرير أن التحديات العالمية، وعلى رأسها جائحة كوفيد-19، أثبتت أن الاستثمار في قطاع الدواء لم يعد خيارًا بل ضرورة وطنية. ودعا إلى تبني سياسات مبتكرة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتكثيف جهود البحث العلمي، لبناء قطاع دوائي مستدام وآمن يدعم الأمن الصحي لمصر والمنطقة.