أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن أفريقيا التي نحلم بها لم تعد ضرباً من الخيال، بل باتت واقعاً قريب المنال، رغم التحديات والأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه القارة.
واقع قريب المنال
وقال الرئيس السيسي خلال كلمته في اجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الأفريقي، المنعقد بالعاصمة الغينية مالابو، والتي ألقى فيها كلمة استعرض فيها حصاد رئاسة مصر للجنة التوجيهية لوكالة “النيباد” على مدار العامين الماضيين: “لقد شرُفت خلال العامين الماضيين بتولي رئاسة اللجنة التوجيهية للنيباد، وأؤكد لكم أنني بعد تلك الفترة، أصبحت على يقين أن أفريقيا، التي نريدها، ليست حلماً، وإنما واقع قريب المنال، وذلك رغم كثرة التحديات والأزمات، التي تتعرض لها القارة داخلياً وخارجياً”.
وأضاف أن القارة، رغم الظروف الصعبة، نجحت العديد من دولها في تحقيق معدلات نمو تفوقت على المعدلات العالمية، وقطعت شوطاً ملموساً في التعامل مع التحديات الكبرى، من خلال تطوير نظمها الصحية والتعليمية، وتوطين الصناعات الحيوية، وتحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز التجارة البينية، مشيراً إلى ما تحقق كذلك على صعيد تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية.
النيباد وأجندة أفريقيا 2063
وأوضح الرئيس السيسي أن مصر، خلال فترة رئاستها للجنة التوجيهية للنيباد، عملت على تنفيذ أولويات واضحة تسهم في تسريع وتيرة تنفيذ أجندة أفريقيا 2063، من خلال اتباع نهج شامل يركز على معالجة الأسباب الجذرية للأزمات التي تواجه القارة، وإيجاد حلول مستدامة.
وأشار إلى أبرز النتائج التي تحققت خلال تلك الفترة، وعلى رأسها:
سد الفجوة التمويلية
قال الرئيس السيسي إن اللجنة التوجيهية، بالتعاون مع سكرتارية النيباد، أولت أهمية قصوى لمعالجة معضلة الفجوة التمويلية، عبر الانتهاء من إعداد دراسة الجدوى الخاصة بإنشاء صندوق التنمية التابع للوكالة.
وأوضح أن تلك الخطوة تأتي تنفيذاً للتكليفات الصادرة عن القمم الأفريقية المتتالية، وإيماناً بضرورة تطوير أدوات تمويل تنموي جديدة، خاصة في ظل تراجع المساعدات الإنمائية لأسباب متعددة.
وأعرب الرئيس عن تطلعه إلى أن تنتهي الأجهزة المعنية بالاتحاد الأفريقي من مناقشة هذه الدراسة وإقرارها في أقرب وقت، حتى يبدأ الصندوق ممارسة دوره في حشد التمويل وتحفيز الاستثمار داخل القارة.
البنية التحتية والطاقة والزراعة
أشار الرئيس السيسي إلى أن وكالة النيباد ضاعفت جهودها في تنفيذ الخطة العشرية الثانية لأجندة 2063، ونجحت في حشد تمويل لمشروعات بنية تحتية تبلغ قيمتها 500 مليون دولار ضمن البرنامج الرئاسي للبنية التحتية.
كما عملت على تسريع تنفيذ ممرات البنية التحتية الخضراء، وخطة الطاقة الرئيسية القارية، بالإضافة إلى دعم السياسة الزراعية الأفريقية المشتركة، في إطار تعزيز جهود الاندماج الإقليمي والقاري.
الاستثمار في البشر
وأكد الرئيس السيسي أن الوكالة، تحت إشراف اللجنة التوجيهية، واصلت جهودها في الاستثمار في البشر، بإطلاق مبادرات متعددة في مجالات التعليم والصحة.
وأعلن أن الوكالة نجحت خلال الأشهر الماضية في تأمين 100 مليون دولار لمبادرة المنحة السكانية الأفريقية، والتي بدأت الدول الأعضاء الاستفادة منها في تحسين خدمات الصحة الإنجابية.
كما تم تأمين 100 مليون يورو أخرى لدعم مشروعات “مبادرة المهارات الأفريقية”، التي تهدف إلى بناء القدرات البشرية والفنية، بالتزامن مع استثمارات موسعة في مجالات التحول الرقمي، لتوفير ملايين الوظائف لشباب القارة.
مواجهة تغير المناخ
وفي مواجهة التهديدات الناجمة عن تغير المناخ، أشار الرئيس إلى أن اللجنة التوجيهية عملت، بالتعاون مع سكرتارية النيباد، على الإسراع بتدشين “مركز التميز التابع للنيباد”، والذي من المقرر أن يبدأ نشاطه من القاهرة.
وقال إن المركز يمثل إضافة نوعية لأدوات القارة في التصدي لهذا التهديد الوجودي.
تفعيل تواجد النيباد في الدول الأفريقية
وأكد الرئيس السيسي أن تحقيق هذه الإنجازات تطلّب رؤية واضحة وهيكلاً مرناً قادراً على مواجهة التحديات واقتناص الفرص، مشيراً إلى أن تنشيط تواجد الوكالة في الدول الأفريقية كان من ضمن أولويات سكرتارية النيباد، وذلك بناءً على طلب الدول الأعضاء ووفقاً لأولوياتها الوطنية.
وأعرب عن فخره بما يشهده من توسع في تواجد مكاتب الوكالة بأنحاء القارة، مؤكداً دعمه الشخصي لهذا التوجه.
تجديد الالتزام بدفع الأجندة الأفريقية
وختم الرئيس السيسي كلمته بالتأكيد على أن ما تحقق خلال العامين الماضيين هو مجرد نماذج من ثمار العمل المشترك والجهد الجماعي الذي بذلته وكالة النيباد تحت إشراف اللجنة التوجيهية. وأضاف: “دعونا نستغل اجتماعنا اليوم لنجدد الالتزام والعهد بدفع أجندتنا الأفريقية قدماً، ولدعم دور وأنشطة النيباد، لتتجدد معها آمال شعوبنا في الحصول على حقها العادل في السلام والتنمية.”
ووجّه الرئيس السيسي الشكر إلى الدول الأعضاء باللجنة التوجيهية على تعاونهم المثمر خلال الفترة الماضية، والذي مكّن الوكالة من القيام بدورها بوصفها الذراع التنموية التنفيذية للاتحاد الأفريقي.
كما أعرب عن تقديره العميق لسكرتارية النيباد وعلى رأسها المديرة التنفيذية السيدة ناردوس بيكيلي – توماس، لما تبذله من جهد ولما تطرحه من أفكار ومبادرات مبتكرة لدفع العمل التنموي بالقارة قدماً.