أكد وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، أن ملف سد النهضة الإثيوبي يعد من أكثر الملفات حساسية وأهمية بالنسبة للدولة المصرية، كونه يمس بشكل مباشر الأمن القومي والوجود المائي للبلاد، مشددًا على أن التعامل مع هذا الملف يتم وفق رؤية استراتيجية شاملة ومنظومة مؤسسية دقيقة على أعلى مستوى من التنسيق داخل الدولة المصرية.
لقاءات دورية
وأوضح “سويلم”، خلال حواره مع الإعلامي شريف عامر، في برنامج “يحدث في مصر”، المذاع على قناة “إم بي سي مصر”، أن القيادة السياسية تتابع هذا الملف بشكل يومي وأسبوعي، إلى جانب متابعة شاملة لكافة ملفات المياه في مصر، مضيفًا: “هناك لقاءات دورية مع مؤسسات الدولة المختلفة لتقييم الوضع المائي، ومناقشة تطورات ملف السد الإثيوبي بشكل مستمر، بما يضمن الحفاظ على حقوق مصر المائية”.
وأشار وزير الري إلى أن ما يهم مصر هو الكمية التي يتم حجزها من مياه النيل خلف السد، وكذلك كيفية إدارة تصريف هذه المياه، وتوقيتات هذا التصريف، مشيرًا إلى أن الخطاب السياسي الإثيوبي الموجه للشعب هناك وللرأي العام العالمي يهدف فقط لتحسين الصورة الذهنية عن مشروع السد، وليس له قيمة قانونية أو فنية، مضيفًا: “كل التصريحات الإثيوبية في هذا الشأن تدخل في إطار المناورات السياسية”.
السد غير شرعي ويخالف القانون الدولي
وخلال اللقاء، شدد الدكتور هاني سويلم على أن موقف مصر من سد النهضة ثابت وواضح، مؤكدًا أن بناء السد تم بطريقة أحادية ومن دون اتفاق مع دولتي المصب – مصر والسودان، وهو ما يمثل مخالفة صريحة للقانون الدولي، ولا سيما البند الخامس من “إعلان المبادئ”، الموقع في مارس 2015، والذي ينص صراحة على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل، قبل تنفيذ أي خطوة عملية.
وأضاف الوزير: “ما قامت به إثيوبيا من ملء السد خمس مرات متتالية، دون تشاور أو تنسيق مع الجانبين المصري والسوداني، يُعد خرقًا للاتفاقات ومساسًا بمبدأ التعاون ومشاركة البيانات، ما يثبت أن النهج الإثيوبي يقوم على فرض الأمر الواقع وتسييس الملف لخدمة أجندة محلية”.
تأثير مباشر على مصر
وفيما يتعلق بتأثير عمليات الملء الأحادي على مصر، أكد الدكتور هاني سويلم أن مصر تأثرت فعليًا جراء ملء السد، حيث إن كل كمية يتم تخزينها خلف السد تُخصم من حصة مصر والسودان من مياه النيل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن المواسم المطرية الأخيرة، التي جاءت فوق المتوسط، ساعدت في التخفيف من حدة آثار تلك الإجراءات الأحادية، مما سمح باتخاذ عدد من الإجراءات من جانب الدولة المصرية دون أن يشعر المواطن أو المزارع العادي بمعاناة كبيرة.
وأوضح وزير الموارد المائية والري أن الدولة المصرية بدأت منذ عام 2014 تنفيذ خطة قومية طموحة لتطوير منظومة إدارة الموارد المائية، من خلال استثمارات ضخمة تهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه، وإدخال تقنيات جديدة لمعالجة المياه وإعادة استخدامها، مضيفًا: “نحن الآن ننتقل إلى جيل جديد من منظومة إدارة المياه، وكل هذا بُني على استثمارات ممتدة منذ أكثر من 12 عامًا، في إطار حرص الدولة على تعزيز أمنها المائي وضمان استدامته”.
التوربينات غير جاهزة للعمل الكامل
وكشف الوزير أن السد الإثيوبي لم يكتمل بشكل كامل حتى الآن، إذ تم تصميمه ليشمل 13 توربينًا لتوليد الكهرباء، لكن ما تم تركيبه حتى اليوم 8 توربينات فقط، ويعمل منها بشكل فعلي من 5 إلى 6 توربينات بطريقة تبادلية، مشددًا على أن الجانب الإثيوبي وحده هو المعني بإكمال البنية الداخلية للسد، أما ما يهم مصر فهو التأكد من عدم تأثير أي تطور في المشروع على مواردها المائية الحالية أو المستقبلية.
واختتم وزير الري حديثه بالتأكيد على أن مصر تتعامل مع ملف سد النهضة بمنتهى الجدية والمسؤولية، وتحترم القانون الدولي في كل خطواتها، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يدرك عدالة الموقف المصري وشفافيته في إدارة هذا الملف الشائك، وأن الدولة المصرية ستواصل الدفاع عن حقوقها المائية المشروعة بكل الوسائل السياسية والدبلوماسية والقانونية.