أصدر مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية دراسة تحليلية للباحث هشام قدري أحمد، باحث في العلاقات الدولية، تناولت تطورات التوتر المتصاعد في مضيق تايوان، في ظل ما وصفه الباحث بـ”التحول النوعي في جاهزية الجيش الصيني، وتصاعد مؤشرات الغزو المحتمل للجزيرة”.
مركز “مسارات” يصدر دراسة استراتيجية جديدة: هل بات غزو الصين لتايوان خيارًا وشيكًا؟

وتحمل الدراسة عنوان:
“مضيق تايوان بين الضغوط العسكرية والاستعداد للغزو: قراءة في حسابات الصين وخيارات الردع”
وتستعرض جملة من المؤشرات العسكرية والسياسية التي تعزز فرضية الاتجاه الصيني نحو تصعيد تدريجي أو عمل عسكري محدود وربما شامل ضد تايوان خلال السنوات القليلة المقبلة، في ضوء ما وصفه الباحث بـ”نافذة الفرصة الاستراتيجية” التي تراها بكين حتى عام 2027.
وتوقفت الدراسة عند المناورات الصينية الأخيرة “رعد المضيق 2025″، باعتبارها مؤشرًا واضحًا على انتقال بكين من مرحلة الاستعراض إلى محاكاة الغزو الواقعي، مشيرة إلى مشاركة مكثفة لوحدات جوية وبحرية وبرمائية، واقتراب القوات الصينية من سواحل تايوان لمسافات غير مسبوقة.
كما رصدت الدراسة تصعيدًا ممنهجًا في الخطاب الرسمي الصيني والدعاية الإعلامية العدائية ضد تايبيه، فضلًا عن توسع غير مسبوق في العمليات السيبرانية والتجسس داخل الجزيرة، في إطار ما سماه الباحث “مقدمات الحرب غير المعلنة”.
وحددت الدراسة أربعة دوافع استراتيجية وراء تمسك الصين بخيار الغزو، أبرزها:
• اعتبارات السيادة والوحدة الوطنية
• التحولات السياسية في تايوان
• الرهان على تآكل الردع الأمريكي
• الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية للجزيرة
وفي المقابل، استعرض الباحث عوامل الردع والتكلفة العالية لأي مغامرة عسكرية، من بينها جاهزية تايوان الدفاعية، واحتمالات التدخل الأمريكي الياباني، والمخاطر الاقتصادية والعقوبات الغربية، وما قد يترتب عليها من عزلة دولية للصين.
واختتمت الدراسة بطرح ثلاثة سيناريوهات محتملة للمسار الصيني تجاه تايوان، شملت: استمرار الوضع القائم باعتباره السيناريو المرجح في المدى القريب، من خلال مواصلة الضغوط العسكرية والتهديدات غير المباشرة دون الدخول في حرب مفتوحة؛ وسيناريو الحرب المحدودة أو العمليات الهجومية المحددة، كخيار محتمل تسعى من خلاله بكين لتحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية دون التورط في غزو شامل؛ وأخيرًا سيناريو الغزو الكامل، الذي يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن نظرًا لتكلفته العالية ومخاطره الاستراتيجية، لكنه يظل مطروحًا ضمن حسابات بكين في حال تغيّرت المعادلات أو تراجع الردع الأميركي.
مركز “مسارات” يصدر دراسة استراتيجية جديدة: هل بات غزو الصين لتايوان خيارًا وشيكًا؟
وأكد الباحث هشام قدري أن “الحفاظ على الاستقرار في مضيق تايوان لا يعتمد فقط على ضبط النفس من جانب بكين، بل يتطلب أيضًا مراجعة دقيقة من واشنطن وحلفائها لطبيعة سياساتهم في الإقليم”، محذرًا من أن تجاهل حساسية ملف تايوان في العقل الاستراتيجي الصيني قد يؤدي إلى نزاع لا يمكن احتواؤه بسهولة.
ويعد مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية مؤسسة بحثية ناشئة تعنى بتحليل القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، مع اهتمام خاص بإنتاج أوراق تقدير الموقف والدراسات الاستراتيجية التي تسهم في فهم التحولات الإقليمية والدولية.
ويطمح المركز إلى تقديم محتوى تحليلي موضوعي يسهم في دعم صناع القرار، وتعزيز دور مراكز الفكر في ترسيخ وعي استراتيجي يستند إلى المعرفة والتخصص.