أكد وزير الموارد المائية والري، الدكتور هاني سويلم، أن الدولة المصرية ترفض بشكل قاطع سياسة فرض الأمر الواقع التي تنتهجها إثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة، مشددًا على أن أي تنمية في إثيوبيا لا يمكن أن تتم على حساب حقوق ومصالح دولتي المصب، مصر والسودان.
وأشار سويلم خلال لقائه عددًا من السادة السفراء المنقولين لرئاسة بعثات دبلوماسية مصرية بالخارج، إلى أن الدعوات المتكررة التي تطلقها إثيوبيا لاستئناف المفاوضات لا تعدو كونها محاولات شكلية لتحسين صورتها الذهنية أمام المجتمع الدولي، دون أن يصاحبها أي التزام فعلي أو خطوات عملية تعكس رغبة صادقة في التوصل إلى حل عادل ومتوازن.
دون تحقيق تقدم ملموس
وأضاف سويلم أن مسار التفاوض، الممتد لأكثر من ثلاثة عشر عامًا دون تحقيق تقدم ملموس، يمثل دليلًا واضحًا على غياب الجدية لدى الجانب الإثيوبي، الذي يواصل سياسة المراوغة والتراجع، داعيًا المجتمع الدولي إلى إدراك طبيعة هذا النهج والتعامل معه بما يتفق مع مبادئ العدالة والاحترام الكامل للقانون الدولي.
وأوضح الوزير أن المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا شابها العديد من نقاط الخلاف الجوهرية، رغم ما أبدته مصر من التزام سياسي ورغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يحقق المصالح المشتركة ويمنع وقوع الضرر على أي طرف من الأطراف.
إنجاح مسار التفاوض
واتهم سويلم الجانب الإثيوبي بافتقاده إلى الإرادة السياسية اللازمة لإنجاح مسار التفاوض، مؤكدًا أنه دأب على اتخاذ إجراءات أحادية تمثل فرضًا للأمر الواقع، في تجاهل لطبيعة نهر النيل كمورد مائي دولي مشترك، وفي خرق واضح للقانون الدولي، ولا سيما القواعد المنظمة للاستخدام العادل والمنصف للمجاري المائية الدولية، وضرورة تجنب التسبب في أضرار جسيمة للدول الأخرى.
وفي هذا السياق، أشار وزير الري إلى أن إثيوبيا تواصل الترويج لاكتمال بناء السد، رغم كونه غير شرعي ومخالفًا للقانون الدولي، ولَم يتم التوصل بشأنه إلى أي اتفاق مع دولتي المصب. واعتبر أن هذا النهج يعكس سعيًا لفرض الهيمنة المائية، بدلًا من اعتماد مبدأ الشراكة والتعاون، وهو ما لا يمكن قبوله أو التهاون معه.
تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية
وأكد حرص الدولة المصرية على تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية، خاصة دول حوض النيل، مشيرًا إلى التزام مصر التاريخي والثابت بدعم مشروعات تنموية ومائية في دول الحوض، وذلك من خلال آلية تمويلية أطلقتها الدولة بمخصصات مالية محددة تهدف إلى دراسة وتنفيذ مشروعات البنية الأساسية والتنمية المستدامة في دول حوض النيل الجنوبي.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الوزير، استعرض خلالها جهود الدولة في مواجهة التحديات المائية، وعلى رأسها سد الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية، من خلال تنفيذ مشروعات كبرى لمعالجة مياه الصرف الزراعي، من بينها مشروعات “الدلتا الجديدة”، “بحر البقر”، و”المحسمة”، بالإضافة إلى تطوير نظم الري والإدارة المائية، ومجموعة من الإجراءات الهادفة إلى ضمان توفير الاحتياجات المائية لكافة المنتفعين، وتحقيق مرونة أعلى للتعامل مع آثار تغير المناخ.
مشروعات تطهير المجاري المائية
وأوضح سويلم أن مصر تقدم دعمًا ملموسًا للأشقاء الأفارقة من خلال تنفيذ مشروعات تطهير المجاري المائية، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار مياه تعمل بالطاقة الشمسية، فضلًا عن تأسيس مراكز متقدمة للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه. كما تشمل مجالات الدعم التدريب وبناء القدرات، حيث تقدم مصر منحًا دراسية ودورات تدريبية للكوادر الإفريقية من خلال “المركز الإفريقي للمياه والتكيف مع التغيرات المناخية” و”معهد بحوث الهيدروليكا”، إلى جانب منح دراسية بالجامعات المصرية.
وأشار الوزير إلى ما تمتلكه مصر من خبرات متقدمة ومتميزة في إدارة الموارد المائية، تحرص على مشاركتها مع الدول الإفريقية، خاصة دول حوض النيل التي تتمتع بوفرة هائلة في المياه، حيث يبلغ حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل نحو 1600 مليار متر مكعب سنويًا، فيما يصل حجم الأمطار على مجمل دول الحوض إلى ما يقارب 7000 مليار متر مكعب سنويًا، بينما تقتصر الحصة المائية لمصر على 55.5 مليار متر مكعب فقط.
وعلى الصعيد الدولي، أشار الدكتور سويلم إلى الجهود التي تبذلها مصر لوضع قضية المياه في صدارة الأجندة المناخية العالمية، ولا سيما من خلال مبادرة AWARe، التي أطلقتها مصر لخدمة الدول النامية وتوفير التمويل اللازم للمشروعات المتعلقة بالتكيف مع التغيرات المناخية، مؤكدًا أن مصر ستواصل القيام بدورها المحوري في هذا الشأن، بما يخدم مصالح شعوب القارة الإفريقية ويحفظ حقوقها المائية والتنموية.